"ادْعُوَا لِي عَلِيًّا" فَأُتِيَ بِهِ أَرْمَدَ فَبَصَقَ فِي عَيْنَيْهِ وَدَفَعَ إِلَيْهِ الرَّايَةَ لَيْلَةَ فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ. وَلَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ {فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ} [آلِ عِمْرَانَ: 61] دَعَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلِيًّا وَفَاطِمَةَ وَحَسَنًا وَحُسَيْنًا فَقَالَ: "اللَّهُمَّ هَؤُلَاءِ أَهْلِي" 1.

وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ زِرٍّ قَالَ: قَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: وَالَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ وَبَرَأَ النَّسَمَةَ, إِنَّهُ لَعَهْدُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَيَّ أَنْ لَا يُحِبَّنِي إِلَّا مُؤْمِنٌ وَلَا يُبْغِضَنِي إِلَّا مُنَافِقٌ2.

وَالْأَحَادِيثُ فِي فَضْلِهِ كَثِيرَةٌ جِدًّا, وَقَدْ تَقَدَّمَ الْحَدِيثُ فِي الْإِشَارَةِ إِلَى خِلَافَتِهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي رُؤْيَا الرَّجُلِ الصَّالِحِ الدَّلْوَ التِّى شَرِبَ مِنْهَا أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ, ثُمَّ جَاءَ عَلِيٌّ وَأَخَذَ بِعَرَاقِيهَا فَانْتَشَطَتْ وَانْتَضَحَ عَلَيْهِ مِنْهَا شَيْءٌ, وَكَانَ تَأْوِيلُ ذَلِكَ مَا أَصَابَهُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مِنَ اخْتِلَافِ النَّاسِ عَلَيْهِ وَالْفِتَنِ الْهَائِلَةِ وَالدِّمَاءِ الْمُهْرَقَةِ وَالْأُمُورِ الصِّعَابِ وَالْأَسْلِحَةِ الْمَسْلُولَةِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ بِسَبَبِ السَّبَئِيَّةِ وَمَنْ وَافَقَهُمْ مِنْ أَهْلِ الْأَمْصَارِ عَلَى قَتْلِ عُثْمَانَ, وَكَانَ غَالِبُهُمْ مُنَافِقِينَ, وَقَلِيلٌ مِنْهُمْ مَنْ أَبْنَاءِ الصَّحَابَةِ مَغْرُورُونَ, فَحَصَلَ مِنْ ذَلِكَ فِي يَوْمِ الْجَمَلِ وَصِفِّينَ وَغَيْرِهِمَا وَقَائِعُ يَطُولُ ذِكْرُهَا.

فَأَمَّا وَقْعَةُ الْجَمَلِ فَكَانَتْ بِمَحْضِ فِعْلِ السَّبَئِيَّةِ قَبَّحَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى لَيْسَ بِاخْتِيَارِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَلَا طَلْحَةَ وَلَا الزُّبَيْرِ وَلَا أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ, بَلْ بَاتَ الْفَرِيقَانِ مُتَصَالِحِينَ بِخَيْرِ لَيْلَةٍ, فَتَوَاطَأَ أَهْلُ الْفِتْنَةِ وَتَمَالَئُوا عَلَى أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ الْفَرِيقَيْنِ وَيُنْشِبُوا الْحَرْبَ بَيْنَ الْفِئَتَيْنِ مِنَ الْغَلَسِ, فَثَارَ النَّاسُ مِنْ نَوْمِهِمْ إِلَى السِّلَاحِ فَلَمْ يَشْعُرْ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَّا بِالرُّءُوسِ تَنْدُرُ وَالْمَعَاصِمُ تَتَطَايَرُ مَا يَدْرُونَ مَا الْأَمْرُ حَتَّى عُقِرَ الْجَمَلُ وَانْكَشَفَ الْحَالُ عَنْ عَشَرَةِ آلَافِ قَتِيلٍ فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015