قَالَ إِمَامُ الْأَئِمَّةِ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ خُزَيْمَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِ التَّوْحِيدِ بَعْدَ سَرْدِهِ أَحَادِيثَ الشَّفَاعَةِ بِأَسَانِيدِهَا قَالَ1: قَدْ رَوَيْنَا أَخْبَارًا عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَحْسَبُ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْجَهْلِ وَالْعِنَادِ أَنَّهَا خِلَافَ هَذِهِ الْأَخْبَارِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا مَعَ كَثْرَتِهَا وَعَدَالَةِ نَاقِلِيهَا فِي الشَّفَاعَةِ وَفِي إِخْرَاجِ بَعْضِ أَهْلِ التَّوْحِيدِ مِنَ النَّارِ بَعْدَ مَا دَخَلُوهَا بِذُنُوبِهِمْ وَخَطَايَاهُمْ, وَلَيْسَتْ بِخِلَافِ تِلْكَ الْأَخْبَارِ عِنْدَنَا بِحَمْدِ اللَّهِ وَنِعْمَتِهِ, وَأَهْلُ الْجَهْلِ الَّذِينَ ذَكَرْتُهُمْ فِي هَذَا الْفَصْلِ صِنْفَانِ: صِنْفٌ مِنْهُمْ مَنِ الْخَوَارِجِ وَالْمُعْتَزِلَةِ أَنْكَرَتْ إِخْرَاجَ أَحَدٍ مِنَ النَّارِ مِمَّنْ يَدْخُلُ النَّارَ, وَأَنْكَرَتْ هَذِهِ الْأَخْبَارَ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا فِي الشَّفَاعَةِ. الصِّنْفُ الثَّانِي: الْغَالِيَةُ مِنَ الْمُرْجِئَةِ الَّتِي تَزْعُمُ أَنَّ النَّارَ حُرِّمَتْ عَلَى مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا الله, تتأول هذا الْأَخْبَارَ الَّتِي رُوِيَتْ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي هَذِهِ اللَّفْظَةِ عَلَى خِلَافِ تَأْوِيلِهَا.

فَأَوَّلُ مَا نَبْدَأُ بِذِكْرِ الْأَخْبَارِ بِأَسَانِيدِهَا وَأَلْفَاظِ مُتُونِهَا ثُمَّ نُبَيِّنُ مَعَانِيهَا بِعَوْنِ اللَّهِ وَمَشِيئَتِهِ وَنَشْرَحُ وَنُوَضِّحُ أَنَّهَا لَيْسَتْ بِمُخَالِفَةٍ لِلْأَخْبَارِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا فِي الشَّفَاعَةِ وَفِي إِخْرَاجِ مَنْ قَضَى اللَّهُ إِخْرَاجَهُمْ مِنْ أَهْلِ التَّوْحِيدِ مِنَ النَّارِ. ثُمَّ سَاقَ مِنْهَا حَدِيثَ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ, وَلَا يَدْخُلُ النَّارَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ إِيمَانٍ" 2.

وَحَدِيثَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "إِنِّي لَأَعْلَمُ كَلِمَةً لَا يَقُولُهَا عَبْدٌ حَقًّا مِنْ قَلْبِهِ فَيَمُوتُ عَلَى ذَلِكَ إِلَّا حُرِّمَ عَلَى النَّارِ؛ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ" 3.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015