أي: من غير أن يمر بك كثير زمان.
وقال شريح بن هاني بن يزيد بن يهبل بن وريد بن سفيان:
قد عشت بين المشركين أعصرا ... ثمت أدركت النبي المنذرا
وقال مسعود بن مصاد بن حصن بن كعب بن عليم:
قد كنت في عصر لاشيء يعدله ... فبان مني وهذا بعده عصرا
أي: هذا الزمان بعد ذلك ايضاً ماض ومار.
وقال أبو خرابة الوليد بن ضيفة:
وكنا حسبناهم فوارس كهمس ... حيوا بعدما ماتوا من الدهر أعصُرا
أي: بعد أن كانوا ميتين حقباً.
وقال ابن هرمة (?) :
أذكرْتَ عَصْرَك أم شَجَتْك ربوع ... أم أنت مُتَبّل الفؤاد مضوع
أي: ذكرت زمانك الماضي.
وهكذا نرى أن السابقين فسروا " العصر " بالدهر والزمان عموماً، وأن الفراهي رأى أن ذلك التفسير غير دقيق، فانطلق يرتاد رياض الشعر الجاهلي باحثاً عن حقيقة المعنى فانتهى إلى أنه ليس مطلق الزمان وإنما هو الزمان الماضي، وأكد ذلك بالشواهد الشعرية الكثيرة. وهذا يعني أن المعاني الدقيقة يمكن الوصول إليها من خلال استعمال العرب الأقحاح لها في شعرهم.