وعلى الرغم من هذا الإسهاب، وهذا الإطناب: فقد عده بعض المعجميين (?) قمة التأليف في غريب القرآن الكريم، من حيث الترتيب والعلاج، واعتبره رائداً - في ترتيبه وعلاجه - لم يجد من يسير خلفه (?) !
ولكني - بعد البحث والتنقيب- وجدت من يحتذيه، ويسير على منهجه، ويتخذه مثالا، بل وينقل عنه، ويعتمد على مواده اعتماداً كلياً!
وقد تمثل ذلك في السمين الحلبي (ت756هـ) في كتابه: عمدة الحفاظ في تفسير أشرف الألفاظ (?) .
وإليك نموذجاً من كتاب المفردات للراغب الأصفهاني، تلمس منه صدق ما وصف به الكتاب:
في مادة (مرد) قال (?) :
قال الله تعالى: {وَحِفْظاً مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ مَارِدٍ} (الصافات: 7)
والمارد، والمَرِيد - من شياطين الإنس والجن - المتعرِّى من الخيرات، من قولهم: شجرٌ أمْرَد، إذا تَعَرَّى من الورق.
ومنه قيل: رَمْلَةٌ مَرْداء: لم تُنْبِت شيئا.
ومنه: الأمَرَد، لتجرُّده عن الشَّعْرِ.
ورُوِى: "أَهْلُ الجَنَّة مُرْدٌ" فقيل: حُمِلَ على ظاهِرِه، وقيل معناه: مُعْرَوْن من الشَّوَائب، والقَبَائِح.