لا يا أولادي، لا والله العظيم؛ إنه لا يريد جمالها لعينه ولا حديثها لأذنه، ولكنه يريد قفلها لمفتاحه (?). إنها غريزة النوع لا يرويها إلاّ ما يتمّ به النسل.
وما الحب (مهما زخرفه الشعراء وزوّقه الأدباء) إلاّ رغبة في الاتصال الجنسي لم تجد طريقها. إن الحبّ العذري الشريف حديث خرافة لا تروج سوقه إلاّ على المجانين والشباب. هذه حقيقة من أنكرها وجد الردّ عليه في نفسه، إن في كل نفس الدليل على أنها حقيقة لا سبيل إلى إنكارها، فهل يصلح الحب وحده أساساً للزواج؟
إن الحبّ جوع نفسي، فهل يستطيع الجوعان أن يحكم على جودة الطعام؟ ألا يزيّن له جوعه المجدّرة حتى يحسّ لها تحت لسانه طعم الخروف المحشي؟ فإذا زالت لذعة الجوع عادت المجدّرة مجدّرة، وتبيّن أنها لم تكن خروفاً إلاّ في أوهام الجوع. كذلك المحبّ؛ إنه يسبغ من حبّه على المحبوب ثوباً براقاً يراه به أجمل الناس. فإذا تزوجها لهذا الثوب الذي يغريه بها، ثم زال عنها لمّا زال الحب، لم يبقَ بينهما زواج، لأنه ما تزوج بها ولكن تزوّج الثوب الذي أسبغه خياله عليها. وما دام الحب في حقيقته اشتهاء للقاء الجنسي، فلا بدّ أن يزول إن زالت هذه الشهوة، ولا بدّ أن يعقل المجنون فتعود ليلى في نظره امرأة كسائر النساء فلا تبقى له فيها رغبة، كما تذهب رغبة الجائع في الطعام إذا ملأ معدته منه. إنه رباط مؤقت ينقطع من الملامسة الأولى (وأنتم