مع الناس (صفحة 66)

لبقاء نوعه. فبالأولى يسوقه لَذْعُ الجوع إلى ابتغاء الطعام ليدفع بالشبع الموت عن نفسه، وبالثانية يسوقه وَقْدُ الشهوة إلى الاقتراب من الأنثى ليمنع بالنسل الانقراض عن جنسه.

وقد يكون الطعام بين يديك في المطعم وثمنه في جيبك، تفكر فيه فتراه أمامك، ويكون الجنس الآخر في مِلْكك، ويكون حلالاً لك قِيدَ (?) طلبك، فلا تشغل بتصوّره ذهنك ولا تُكدّ بانتظاره أعصابك.

وقد يكون الجوع موجوداً والطعام مفقوداً، فأنت كلما قاسيت مرارة الجوع ازدادت في تصورك حلاوة الطعام، فإذا طال الأمد صار لك (كما يقول علماء النفس) فكرةً ثابتة، فأنت لا تفكّر إلاّ فيه ولا تحن إلاّ إليه.

وتكون الرغبة الجنسية موجودة والجنس الآخر مفقوداً، فيكون عندك من التفكير فيه مثل تفكير الجائع في الطعام. وهذا هو الذي نسميه الحب، وهو أشدّ من تفكير الجائع بالطعام، لأنه حين يطلبه لا يفكّر في لونه ولا في جنسه، والجائع الجنسي قد تستقر رغبته في امرأة بعينها تنحصر دنياه كلها فيها. إنه يطلب أن ينظر إليها ويحدثها، فهل ترونه يكتفي إن رآها بالنظر؟ هل تظنون أنه إن حدثها قنع بالحديث (?)؟ إنه كالجائع، فهل يكفي الجائع أن يرى الطعام ويشمه وينظم في وصفه الأشعار ويصوغ القوافي؟

طور بواسطة نورين ميديا © 2015