وكل مشروع من المشروعات الكبرى في بلاد هذا الشرق كلها: إما أن ينام على فراش التخدير بـ «مورفين» التسويف والتأجيل، وإما أن يجيء مرتجَلاً مشوَّهاً كجنين ولد قبل الأوان.
إنّا لا نؤدي واجباً في موعده، حتى صارت كلمة «الوعد الشرقي» رمزاً - مع الأسف- للوعد الذي لا يوثَق به ولا يُطمَأَنّ إليه، وكلما أوغلت في الشرق رأيت ذلك أظهر وأوضح، فلا تقام في باكستان حفلة في موعدها ولا يأتي ضيف إلا متأخراً ساعة، مع أنه لو جاز لكل أمة في الدنيا أن تهمل المواعيد وتتراخى فيها لما جاز ذلك للمسلمين، لأن دينهم يقوم على مواعيد مضبوطة ضبط الدقائق والثواني؛ فالذي يصلي قبل موعد الصلاة بخمس دقائق لا تصح صلاته، والذي يفطر قبل أذان المغرب بخمس دقائق لا يصح صومه، والذي يصل عرفة بعد انتهاء وقت الوقوف بخمس دقائق لا يصح حجّه.
وكل ذلك لتعليمنا ضبط المواعيد. وإلا فماذا يضر الصائم في الصيف إن صام أربع عشرة ساعة إلا خمس دقائق؟ ألا يصوم في الشتاء اثنتي عشرة ساعة؟ المراد أن نتعود النظام والضبط في أعمالنا كلها، وألاّ نصاب بطاعون التأجيل والتسويف وإخلاف المواعيد.
والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: «آية المنافق ثلاث: إذا حدّث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان». فإخلاف الوعد والإخلال به ثلث النفاق! والإسلام لا يعرف هذه الوعود المائعة، الوعود الشامية العتيقة: «قبل الظهر»، «بين الصلاتين»، «بعد المغرب»،