ثوب أسود للعصرية. فيقول: "اسمعي يا امرأة، إن موازنتنا لا تتحمل". فتبكي وتعول وتقول: وكيف أذهب إلى عصرية الفقيدة العزيزة المرحومة المأسوف على شبابها عمة زوج خالي بلا ثوب أسود، وماذا يقول عني الناس؟
قد تكون هذه العزيزة المأسوف على شبابها بنت تسع وسبعين سنة فقط، وقد تكون منقطعة عن زيارتها من ست سنين، ولكن الحكاية حكاية: ماذا يقول الناس؟
وإذا وُلد مولود لزوجة ابن صديق رئيسك أو معلمك فيجب أن تقتطع من مرتبك الذي لا يكفي ثمن خبزك لتقدم لها الهدية اللائقة كما يقدم أمثالك، وإلا فماذا يقول عنك الناس؟
وإذا كنت مشغولاً بإعداد درسك في المدرسة، أو حساب عملائك في المتجر، أو تمريض بنتك المشرفة على الموت، وإذا كان لديك شغل الذهب وجاءك -فجأة بلا موعد- أحد العاطلين المعطّلين الفارغين ليقطع الوقت باللَّتّ والعَجن (?) معك، فلا تقل له: "أنا مشغول". إياك، وإلا فأنت أعلم بما يقوله عنك الناس!
وإذا كان جارك أو عديلك غنياً يملك الملايين وكنت أنت مستوراً ليس لك إلا راتبك، واشترى لبيته ثُريّا بألف ليرة وبرّادة وغسّالة وعصّارة كهربائية وفرناً على الغاز وسجادة طولها ثمانية أمتار وعرضها خمسة، فاذهب حالاً فاشترِ مثلها ولو سرقت ونهبت وقطعت الطريق، وإلا أوقعت نفسك في أفواه الناس!