«الحماري»، فجعلوني أحسّ أنّ في رأسي ألف حمار وألف فرس تتعادى وتترافس وتصهل وتنهق، وتضرب بأرجلها جوانب رأسي وتدخل في أذني وأنفي، وأراها في أحلامي طائرة من حولي تضاحكني وتباسطني بنهيق من نغم الصبا الحماري أو بعناق على الطريقة الحمارية.
ولست ألوم في اختيار هذا الموضوع لأنهم أكّدوا لي أن الموظف لا يحقّ له أن يلوم رؤساءه ولو بدا له أن هذا اللوم حق، ولكني أقول إن هذا الموضوع لم يعجبني. ولا يعنيهم أن يعجبني أو لا يعجبني ما دمت -في نظر القانون- لا يمكن أن أفهم شيئاً في هذا الباب لأني معلّم ألف باء تاء ثاء ... في مدرسة زاكية الحورانية! وأقول إنه أضحكني كثيراً وأضحك زملائي أنّ أحد الطلاب كان رقيقاً أكثر من اللازم فجعل الفرس والحمار يتعاتبان عتاباً رقيقاً، ثم يعتذر أحدهما للآخر ويصافحه ويعانقه ويقدّم له «بردوناً» حمارياً ... وأنّ أحد الطلاب كان سمجاً أكثر من اللازم فجعل بين الحمار والفرس حواراً أودع فيه كل ما يعرف من ألفاظ السباب والشتائم البلدية موجهة إلى حضرات الأساتذة الكرام أعضاء اللجنة وحجّته بأن الحمار رفس الفرس فقتله ... وأنّ أحد الطلاب أراد أن يتفاصح فجعل الفرس الأصيلة فرساً «قصيلة» ولها «يدتان» و «رجلتان» و «عينتان»!
* * *
لا ألوم أحداً، ولكني كتبت لأتنفّس الصعداء بعد هذا العناء الطويل والبلاء المستطيل، ولأهنئ إخواني الطلاب لا بنجاحهم وحملهم الشهادة (فليس هذا بالأمر المهم، وليس يعنيني كثيراً