مع الناس (صفحة 267)

مجنون

نُشرت سنة 1959

قال لي صديق في مصر يوماً: هل لك في زيارة مجنون؟

قلت: وهل فرغنا من زيارة العقلاء حتى نزور المجانين؟

قال: إنه مجنون عاقل.

فضحكت وقلت: هذا قياس فاسد؛ لأنه إن صحّ أن يكون هذا المجنون عاقلاً تكون أنت -أيها العاقل- مجنوناً.

قال: دعك من هذه الفلسفة، واذهب معي ترَ رجلاً يندر أن ترى مثله في الرجال.

قلت: ما صفته، ما شأنه؟

قال: كهل يعيش هو وزوجه العاقر. كان موظفاً فهبط عليه الغِنى فجأة، مات قريب له موسر وأورثه ماله كله، فاعتزل العمل وعاش متبطلاً.

قلت: إن الغنى سبب واضح للجنون. ولكن ما جنونه؟ هل يضرب؟ هل يخنق؟ هل يخوض في حديث طويل مع سائق الأتوبيس فيعرّض أربعين روحاً للخطر؟ هل يعتقد أن ما يكتبه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015