نُشرت سنة 1959
قال لي صديق في مصر يوماً: هل لك في زيارة مجنون؟
قلت: وهل فرغنا من زيارة العقلاء حتى نزور المجانين؟
قال: إنه مجنون عاقل.
فضحكت وقلت: هذا قياس فاسد؛ لأنه إن صحّ أن يكون هذا المجنون عاقلاً تكون أنت -أيها العاقل- مجنوناً.
قال: دعك من هذه الفلسفة، واذهب معي ترَ رجلاً يندر أن ترى مثله في الرجال.
قلت: ما صفته، ما شأنه؟
قال: كهل يعيش هو وزوجه العاقر. كان موظفاً فهبط عليه الغِنى فجأة، مات قريب له موسر وأورثه ماله كله، فاعتزل العمل وعاش متبطلاً.
قلت: إن الغنى سبب واضح للجنون. ولكن ما جنونه؟ هل يضرب؟ هل يخنق؟ هل يخوض في حديث طويل مع سائق الأتوبيس فيعرّض أربعين روحاً للخطر؟ هل يعتقد أن ما يكتبه