الخوري، وكل شيء لا بدّ له من هذه البركة، حتى إنزال السفينة الجديدة إلى البحر أو حفلة توزيع الشهادات في أوكسفورد.
هذه هي أعياد الناس، فما هو مكان عيدنا من هذه الأعياد؟
إن لنا في الإسلام عيدين لا ثالث لهما، وإن لم يكن ما يمنع من الاحتفال بذكريات الهدى والمجد، بيوم الهجرة وبيوم بدر مثلاً، احتفالاً يخلو من البدع والمحرمات ومن تلاوة هذه الأكاذيب التي اشتملت عليها الموالد، على أن لا تُعد أعياداً دينيةً، لأن الدين لم يشرع لنا إلاّ هذين العيدين: عيد الفطر، وعيد الأضحى؛ هذا احتفال ببداية نزول القرآن وإكمال الصيام، وذاك احتفاء باختتام الوحي وإتمام الدين.
وأعيادنا لله أولاً، لأنها أعياد عبادة وتبتل وتوجه إلى الله بالشكر والحمد والطلب والرجاء.
وهي للوطن (ووطن المسلم كل أرض تعلو فيها كلمة الله وتحكم شريعته) لأنها ذكرى أعظم حادث في تاريخ البشرية كلها: نزول القرآن في ليلة القدر من رمضان، وتمامه في حجة الوداع من ذي الحجة. وإذا كانت الأمم تحتفل بيوم الدستور وتجعله عيداً، فإن يوم الدستور الإلهي الذي أنشأ حضارة تفيأت ظلالَها الأممُ كلها حقيق أن يكون عيداً إنسانياً، يحتفل به كل من استفاد من حضارة القرآن.
وهي من أعياد الرجال، لأنها ذكرى أعظم رجل مسّت قدمه ظهر هذه الكرة: محمد صلى الله عليه وسلم؛ محمد الذي جاء بالصيام ليعلّم الأغنياء بهذا الجوع الاختياري أن في الدنيا من يجوع جوعاً