السبب هو الإفراط في رفع الكلفة. وأنا أعرف أن الألفة تزيل الكلفة، وأن من العجيب المضحك بلا شك أن يتعامل الزوجان بالرسميات (بالبروتوكول) الذي يكون في وزارة الخارجية، وأن تكون حياتهما كلها على «الأتيكيت». ولست أقصد هذا، ولكن أقصد أن رفع الكلفة بالمرة يؤدي إلى أن يَعرض كل واحد على الآخر ما لديه من عيوب ونقائص، لا يحاول إخفاء شيء منها. مع أن لكل إنسان أشياء لا يحسن أن يظهرها حتى لأقرب الناس إليه، وزيادة القرب حجاب (كما يقول العرب). قَرِّبْ وجهك من رفيقك حتى لا يبقى بينك وبينه إلاّ عرض إصبع فإنه لا يراك، وإنما يرى مكان الأنف جبلاً قائماً في مقدمته مغارتان! وارسم خطين مستقيمين واجعلهما متعرجين وباعدهما تَرَهما متوازيين، فإذا قربتهما حتى التصقا بدت الفجوات بينهما. وكذلك الناس؛ كان لي صديق استمرت صداقتي إياه ثلاثين سنة وأنا لا أرى منه إلاّ خيراً وأجده موافقي في كل شيء، ثم سافرنا واضطررت أن أبيت معه في غرفة واحدة فرأيت منه في حالات أكله وشربه ونومه ووضوئه ما أيقنت معه أن بيننا من الاختلاف أكثر مما بين الليل والنهار.
بهذا وبمثله يسعد المتزوجون، ويرغّبون الشباب العزّاب بالزواج.
* * *