في مادة من المواد، فأول ما يجب عليه هو أن يراجع درسه ويستعد لامتحانه، وإذا حُرم راحة العطلة فبذنبه، ولو لم يسترح وقت الشغل لما اضطر أن يشتغل وقت الراحة، ولعله يعتبر فلا يُخدع بحلاوة الذنب بعدما ذاق مرارة العقوبة.
وإن كان الولد ناجحاً وليس عليه امتحان يعيده ولا درس يحضره، كان على أبيه أن يعدّ له -قبل كل شيء- مجلساً من مجالس أهل العلم، أو كتاباً من كتب الأخلاق والدين، ليتعلم من مطالعة الكتاب ومجالسة العالم كيف يكون مؤمناً يخاف الله ويرجو ثوابه، ويحب للناس ما يحب لنفسه، ويبتعد عن الكذب والغش والعقوق وسائر المحرمات.
ثم يفتش له عن عمل يشغله؛ فإذا كان الأب مكفِيّ المؤونة ميسور الحال ولم يكن يريد أن يعلم ابنه صناعة أو يعوّده التكسب، علّمه التردد على المكتبة العامة للمطالعة وسأله عما قرأ ومن صاحب، واختار له بإشرافه نادياً رياضياً موثوقاً بأهله والقائمين عليه، فعوده الرياضة وصبّ فيه روحها (?).
ومن أراد لولده خيراً من ذلك علّمه صناعة من الصناعات؛ كصفِّ الحروف في المطبعة أو الضرب على الآلة الكاتبة أو الميكانيك، أو وَضَعه عند خطّاط أو رسّام يتعلّم منه، على ألاّ يشتغل بذلك نهاره كله بل نصف النهار فقط ويبقى النصف الآخر لراحته. وإن كان الأب تاجراً صحبه معه إلى دكانه فعلمه البيع والشراء وجعل له أجرة على عمله، أو اتخذ له «بَسْطَة» فيها من