دخلتها فإذا هي صامتة ساكنة، لا يُسمع في أبهائها صوت مدرس بدرس أو دارسين بتلاوة، وإذا في كل فصل من فصولها رهط من التلاميذ، متفرقون في زوايا الفصل لا تنفرج شفاههم عن بسمة السرور ولا تلمع عيونهم ببريق الجذل، وإذا الأستاذ صاحب المدرسة قابع في غرفته يفكر حزيناً وينظر آسفاً، وهو الذي لم يألُ العملَ جهداً، ولم يسئ بالله ظناً، فلما رآني قام إليّ يحدثني عن المدرسة ويعلمني علمها، فإذا المدرسة قد زلزلت في مطلع هذا العام المدرسيّ لأن الناس قد مالوا عن المدارس الإسلامية وزهدوا فيها، وزاغوا إلى المدارس الأجنبية وأقبلوا عليها، وضنّوا على مدارسنا بدينار واحد في العام ليمنحوا تلك ثلاثة أرباع الدينار في الشهر!
وأفاض الأستاذ في البيان حتى امتلأت نفسي حَزَناً، فخرجت حزيناً فمررت على «الكاملية» (?) فإذا هي في خطب أشدّ ومصيبة أفدح، فجزت بـ «الجوهرية» (?) فإذا هي ماتت بعد شيخ الشام،