فاسألوا الله ذلك لي فإن دعاء المؤمن للمؤمن بظهر الغيب لا يُرَدّ إن شاء الله.
وأما كشف الرأس فما فيه كبير أمر، وإن كان الستر أحسن. ولقد كان عامة العلماء في الأندلس على كشف الرأس، وكانت العمامة عندهم للقضاة وأرباب المناصب. ومهما يكن من أمر العمامة التي وردت بذكرها بعض الآثار فما هي بالعمامة التي نعرفها في بلاد الشام، ولا كان عليها أمر السلف. وما كان يعرف السلف زياً خاصاً للعلماء ولا للرؤساء، ولقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يلبس ما اتفق له، لا يلقي لذلك بالاً ولا يوليه اهتماماً؛ لذلك تعدّدت ألوان عمامته وأشكال ثيابه. وما كان يمتاز من أحد من أصحابه بلبسة ولا جلسة، حتى كان الأعرابي يدخل مجلسه، فيقول: أيكم محمد؟ وكان المستقبلون يوم الهجرة يسلمون على أبي بكر يحسبونه رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى مالت الشمس فأصابته فقام أبو بكر يظلله بردائه (?) فعرفوه من ثَمّة.
وما لهذا كتبت هذا الموضوع، وما أريد أن أدافع عن نفسي وأردّ على الصديق الذي انتقدني، بل لأتكلم في هذه «المشيخة» التي أراد الصديق الذابُّ عني أن يبرئني منها. هذه «المشيخة» التي صارت على ألسنة كثير من الناس نبزاً ينبزون به كل متدين وكل محافظ على السنة، وصارت مداراً للانتقاص وسبباً لرفض كل موعظة والإعراض عن كل نصيحة؛ فإن وعظت غافلاً أو نصحت حائراً قال لك: "عِفْنا (?) بلا مشيخة"! وصارت عَلَماً على طبقة