مع الناس (صفحة 157)

يصرفك عن التفكير في الامتحان. وأن تنام تلك الليلة تسع ساعات أو عشراً إذا استطعت، ولا تخشَ أن تذهب المعلومات من رأسك فإن الذاكرة أمرها عجيب، ولا سيما لمن كان في أوائل الشباب؛ إن ما يُنقَش فيها في الصبا لا يُنسى. وأنا أنسى والله اليوم ماذا تعشّيت أمس ولكني أذكر ما كان قبل أربعين أو خمس وأربعين سنة كأني أراه الآن، وأنت تبصر في الرائي (التلفزيون) فلماً كنت شاهدته من عشر سنين فتذكره، ولو سألتك عنه قبل أن تدخل لما عرفته.

والثامنة: أن تعلم أن الامتحان ميزان يصح غالباً وقد يخطئ حيناً، وأن المصحح بشر، يكون مستريحاً يقرأ بإمعان وقد يتعب فلا يدقّق النظر، وأنه ينشط ويملّ ويصيب ويخطئ، وقد يختلف حكمه على الورقة وعلى أخرى مثلها باختلاف حالَي راحته وتعبه ورضاه وسخطه. وقد جربوا مصححاً مرة أعطوه أوراقاً فوضع لها العلامات والدرجات، ثم محوا علاماته وجاؤوه بها مرة ثانية ليصححها فإذا هو يبدل أحكامه عليها وتختلف درجاته في المرتين أكثر من عشرين في المئة. وطلبوا من مصحح مرة أن يكتب هو الجواب الذي يستحق العلامة التامة، ثم أخذوا جوابه فكتبوه بخط آخر وبدلوا فيه قليلاً وعرضوه عليه مع الأوراق فأعطاه علامة دون الوسط!

والمصحح ليس في يده ميزان الذهب، وقد يتردد بين الستين من المئة وبين السبعين، وقد يكون في هذه العلامات العشر نجاح التلميذ أو سقوطه. وربما وقعت الورقة في يد مصحح مشدّد فأسقطها ولو وقعت في يد آخر مهوِّن لمشّاها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015