يحمل الكلام إلى آفاق الأرض، ولا أدري مَن يستمع إليّ، ولعل فيهم البنت والشاب ومَن لا يحسن التصريح أمامه بهذه الأشياء؛ لذلك أكتفي بأن أقول بأن الله ما حرّم شيئاً إلا أحلّ مكانه شيئاً يغني عنه: حرّم الربا وأحلّ البيع، وحرّم الزنا وأحلّ الزواج، فمن سُدّ في وجهه طريق الحلال لم يجد للوصول إلى هذه الحاجة الطبيعية إلا سلوك طريق الحرام. لذلك كانت النتيحة الحتمية لقلة الزواج هي كثرة الفساد، ولعلي أتحدث عن الفساد الخلقي حديثاً مستقلاً مفصلاً، وأقرر من الآن أنه لا يمكن القضاء على هذا الفساد إلا بتسهيل الزواج.
أما أسباب مشكلة الزواج، فأولها نظام التعليم:
إن هذا النظام يعارض فطرة الله ويخالف طبائع النفوس وحقائق الأشياء. وبيان ذلك أن الله وضع غريزة الجنس في نفس الشاب والشابة وقدّر لظهورها سن الخامسة عشرة أو نحوها، فإذا بلغها الولد أو البنت تنبه في نفسه ما كان غافلاً وتيقظ ما كان نائماً، ونظام التعليم يوجب أن يبقى الشاب والشابة في المدارس إلى الخامسة والعشرين؛ يدخل المدرسة ابن سبع سنين، ويبقى اثنتي عشرة سنة في الابتدائية والثانوية فهذه تسع عشرة سنة، ويبقى في الجامعة من أربع سنين إلى سبع سنين، فيصير عمره من ثلاث وعشرين إلى ست وعشرين، فإذا ذهب بعد ذلك ليجيء بالدكتوراة من أوربا أو أميركا وغاب لذلك ثلاث سنين أخرى على الأقل صار ابن ثلاثين سنة أو نحوها.
فكيف يمضي هذه السنوات العشر أو الخمس عشرة التي هي أشد سني العمر ثورة وشهوة وضراماً في الأعصاب، لا سيما