مع المعلمين (صفحة 77)

أن نضع أنفسنا موضع طلابنا

د - أن نضع أنفسنا موضع طلابنا: فهذا يدعو لالتماس المعاذير، والكف عن إنفاذ الغضب، والبعد عن إساءة الظن.

فإذا وضعنا أنفسنا موضع طلابنا وجدنا ما يسوغ بعض أخطائهم، فَنُقْصِر بذلك عن الجهل، ونحتفظ بهدوئنا؛ فيوم كنا طلابًا ماذا يدور في خلدنا؟ ومن المعلم الذي يغدو في معاملته بألبابنا؟

إنه ذلك الذي يعذرنا، ولا يسيء الظن كثيرًا بنا.

قال ابن المقفع: أعدل السير أن تقيس الناس بنفسك؛ فلا تأتي إليهم إلا ما ترضى أن يؤتى إليك. (?)

وقال ابن حزم: من أراد الإنصاف فليتوهم نفسه مكان خصمه؛ فإنه يلوح له وجه تعسفه. (?)

قال الخطابي:

ارض للناس جميعًا ... مثل ما ترضى لنفسك

إنما الناس جميعًا ... كلهم أبناء جنسك

فلهم نفسٌ كنفسك ... ولهم حسٌّ كحسك

(?)

هذه بعض الأمور المعينة على رحابة الصدر، وقوة الاحتمال؛ فإذا أخذ بها المعلم دل ذلك على علو قدره، ونباوة محله، وصار من الموصوفين بالحلم والعلم، ومن اتصف بهذين الوصفين حاز من العلياء كل مكان.

كان عمر بن عبد العزيز يتمثل بهذه الكلمات:

الحلم والعلم خَلَّتا كرمٍ ... للمرء زينٌ إذا هما اجتمعا

صنوان لا يستتم حُسْنُهما ... إلا بجمعٍ بذا وذاك معا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015