ب -التغاضي: فالتغاضي من أخلاق الأكابر والعظماء؛ وهو مما يعين المعلم على قوة التحمل ورحابة الصدر؛ وينأى به عن مواضع الغضب، واستثارة الأعصاب؛ فيحسن بالمعلم أن يتغاضى عن كثير من الأمور، خصوصًا مما يحدث من الطلاب؛ فيجمل به أن يضرب صفحًا عن بعض الأمور التي يسعه فيه التغاضي، كما يجمل به ألا يفسر كل ما يحدث من الطلاب على أنه يصدر من منطلق عدواني.
قال السموأل:
ربَّ شتمٍ سَمِعْتُهُ فَتَصامَمْـ ... تُ وغيٍّ تركته فكفيت
وقال المُثَقِّبُ العبدي:
وكلامٍ سيءٍ قد وَقَرَتْ ... أُذُني عنه وما بي من صمم
فَتَعَزَّيت؛ خشاةً أن يرى ... جاهلٌ أني كما كان زعم
ولَبَعْضُ الصفح والإعراض عن ... ذي الخنا أبقى وإن كان ظلم
ومما ينسب لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب قوله:
أُغَمِّضُ عيني عن أمور كثيرة ... وإني على ترك الغموض قدير
وما من عمى أغضي ولكن لربما ... تعامى وأغضى المرء وهو بصير
وأَسْكُتُ عن أشياءَ لو شئتُ قلتها ... وليس علينا في المقال أمير
أصَبِّرُ نفسي باجتهادي وطاقتي ... وإني بأخلاق الجميع خبيرُ