مع المعلمين (صفحة 19)

والذي يرفع الشخص إلى أقصى درجات الفضل إنما هو الإخلاص الذي يجعله الإنسان حليف سيرته، فلا يقدم على عمل إلا وهو مستمسك بعروته الوثقى، ولا تبالغُ إذا قلت: إن النفس التي تتحرر من رق الأهواء ولا تسير إلا على ما يمليه عليها الإخلاص هي النفس المطمئنة بالإيمان، المؤدبة بحكمة الدين ومواعظه الحسنة؛ فذلك الإخلاص هو الذي يسمو سلطانهُ على كل سلطان، ويبلغ أن يكون مبدأً راسخًا تصدر عنه الأعمال بانتظام.

ثم إن العمل المثمر هو الذي ينبني على عقيدة؛ لئلا يتناقض، وما تدفعه إرادة؛ لئلا يتراجع، وما يحثه جهاد؛ لئلا يقف، وما يصحبه تجرد؛ لئلا يتهم، وما ينتشر؛ لئلا يضيق فيضيع، وما تكون غايته الخير؛ لئلا يكون فسادًا في الأرض.

وذلك إنما يكون بالإخلاص؛ فإن للإخلاص تأثيرًا عظيمًا في هذا الشأن؛ فمن تَعَكَّسَتْ عليه أمورُه، وتضايقت عليه مقاصده فليعلم أن بذنبه أصيب، وبقلة إخلاصه عوقب.

فإذا كان الإخلاص بهذه المثابة، وإذا كان له تلك المآثر فحقيق علينا -معاشر المعلمين - أن نضعه نصب أعيننا، وأن نجاهد أنفسنا على التحلي به، وأن نربي من تحت أيدينا عليه؛ لكي يتخرجوا رجالًا يقوم كل منهم بالعمل الذي يتولاه بحزم وإتقان.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015