هـ - ألا نزهد بالسعادة الحاضرة في سبيل السعادة المنتظرة: فنحن -معاشر المعلمين - إذا كنا في أيام الدراسة أمَّلنا بمجيء الإجازة؛ لنسعد بها، وإذا حلت الإجازة تذكرنا الدراسة، وقلنا ستأتي ومعها الهم والنصب.
وهكذا نُفَرِّط بالسعادة دائمًا، وربما ينطبق علينا قول القائل:
أشدُّ الغمِّ عندي في سرور ... تَيَقَّنَ عنه صاحبه انتقالًا
وقول الآخر:
أُحِبُّ ليالي الهجر لا فرحًا بها ... عسى الدهرُ يأتي بعدها بوصال
وأكره أيامَ الوصال؛ لأنني ... أرى كلَّ وصلٍ محكمًا بزوال
وكان حريًا بنا بدلًا من ذلك أن نسعد ما دامت أسباب السعادة موجودة، وأن نسعى في إيجادها إذا لم توجد، فنسعد في يومنا وفي غدنا، وبعد غدنا بإذن الله.
قال المنفلوطي: السبب في شقاء الإنسان أنه دائمًا يزهد في سعادة يومه، ويلهو عنها بما يتطلع إليه من سعادة غده، فإذا جاء غدُه اعتقد أن أمْسَهُ كان خيرًا من يومه؛ فهو لا ينفك شقيًا في حاضره وماضيه. (?)