ساعة يناجى فيها ربه، وساعة يحاسب فيها نفسه، وساعة يخلى فيها بين نفسه ولذاته فيما يحل ولا يحرم" (?).
فإن فعل الإنسان ما فيه ترويح لنفسه فى الحدود المباحة له شرعًا ليس بمحظور عليه، وهو من الحق ما دام قاصدًا الصلاح.
أما من لم ينو طاعة ولا معصية فهو لغو معفو عنه، كخروج الإنسان إلى بستانه متنزهًا، وقعوده على باب داره متفرجًا، وكذا سائر أفعاله المباحة.
فالمباح فى نفسه فى بعض الأحيان قد يكون حرامًا، ومثال ذلك السير أو الجلوس فى الطريق العام، فمع أن السير أو الجلوس فى هذه الحالة مباح إلا أنه قد يكون حرامًا، وذلك إذا لم يعط الطريق حقها، كالنظر إلى ما حرمه اللَّه، وعدم غض البصر. وكذلك الأكل والشرب مما أحله اللَّه وهو مباح فى نفسه، أما إذا وصل إلى مرحلة يتأكد منها ضرر نفسه أصبح محرمًا عليه ذلك فى هذه الحالة.
والحرام فى نفسه قد يحل فى بعض الأحيان، فمثلًا الخمر حرام فى نفسها، ومع ذلك فإنها تحل لمن غص بلقمة ولم يجد غيرها لإزالة غصته، فالخمر وإن كانت محرمة أصلًا إلا أنها أبيحت هنا لعارض الحاجة والضرورة. وما يكون لعارض فلا يلتفت إليه، فإن البيع حلال ولكنه يحرم بعارض الوقوع فى وقت النداء يوم الجمعة ونحوه من العوارض.
وعلى ذلك فالشئ قد يكون حرامًا، وقد يكون حلالًا بحسب، ما يترتب عليه من أثر (?).
فالغناء وسماع آلاته لو خرج السماع فيها عن اللهو المحرم لم يحرم -والمراد باللهو المحرم ما يوجب الفجور والفسوق والفحشاء ونحو ذلك- لا مطلق الغفلة عن اللَّه -تعالى- لوجودها فى المباحات (?).