قوله: "فِتْنَةُ الرَّجُلِ في أَهْلِهِ وَمَالِهِ" (?) وفلان فتنته الدنيا وأفتنته، وهما لغتان، وأنكر الأصمعي: أفتنته، وأصل الفتنة: الاختبار، فتنتُ الفضة على النار إذا خلصتُها، ثم استُعمِلتْ فيما أخرجه الاختبار للمكروه (?) ثم كثر استعماله في أبواب المكروه فجاء مرة بمعنى الكفر كقوله: {وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ} [البقرة: 217] أي: ردكم الناس إلى الشرك أكبر من القتل، وتجيء للإثم كقوله: {أَلَا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا} [التوبة: 49] ومنه: "أَصَابَنِي فِي مَالِي هذا فِتْنَةٌ" (?) و"هَمُّوا أَنْ يَفْتَتِنُوا" (?) وتكون على أصلها من الاختبار كقوله: {إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ} [التغابن: 15] وتكون بمعنى الإحراق كقوله: {إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ} [البروج: 10] أي: حرقوهم، ومنه: "أَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ النَّارِ" (?). وقيل: بل هي هاهنا على أصلها من التصفية؛ لأن المعذَّبين من المؤمنين عُذبوا من أجل ذنوبهم فكأنهم صفوا بها (?) وخلصوا، فسأل النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - ألا يكون من هؤلاء، وكذلك سؤاله لأمته ذلك، لكن بعفو الله ورحمته، وتفريقه (6) في دعائه بين فتنة النار وعذاب النار يدل على التفريق بين عذاب المؤمن وعذاب الكافر، أحدهما فتنة والآخر عذاب، وتكون بمعنى الإزالة والصرف عن الشيء كقوله تعالى: {وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ} [الإسراء: 73].

طور بواسطة نورين ميديا © 2015