قوله: "مَا أَذِنَ اللهُ لِشَىء كَإَذَنِهِ لِنَبِيِّ يَتَغَنَّى) (?) بِالْقُرْآنِ" (?) أي: يجهر به. وقيل: يحسن به صوته، كما قد جاء: "زَيّنُوا القُرْآنَ بِأَصْوَاتِكُمْ" (?) (?) قيل: معناه: تحزين القراءة وترجيع الصوت بها. وقيل: معنى "يَتَغَنَّى" به: يجعله هجيراه وتسلية نفسه وذكر لسانه في كل حالاته، كما كانت العرب تفعل ذلك بالشعر والحداء والرجز في قطع مسافاتها وإسقائها وحروبها.
قول عثمان - رضي الله عنه -: "أَغْنِهَا عَنَّا" (?) بقطع الألف، أي: اصرفها وسيرها عنا. وقيل: كفها عني. وقيل: أغنِ عني شرَّك، أي: كفه، ومنه: {لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ} [عبس: 37] , و {لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ} [آل عمران: 10]، و {لَنْ يُغْنُوا عَنْكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا} [الجاثية: 19] أي: يصرف ويمنع.
قوله: "عِنْدَنَا جَارِيَتَانِ تُغَنِّيَانِ بِمَا تَقَاوَلَتِ بِهِ الأَنْصَارُ، قَالَتْ: وَلَيْسَتَا بِمُغَنِّيَتَيْنِ" (?) الغناء الأول من الإنشاد، والثاني من الصفة اللازمة، أي: ليستا ممن اتصف بهذا واتخذه صنعة، إلاَّ كما تنشد الجواري وغيرهن (?) من الرجال في خلواتهم، ويترنمون به في سوقهم. وقيل: ليستا بمغنيتين الغناء المصنوع العجمي الخارج عن أساليب العرب.