علمت أنني إِن تركت القلعة فِي يَدي وأصابني الْمَوْت أَخذهَا أَوْلَاد أخي بعد وَلَدي وَمَا آثرت ذَلِك وآثرت أَن أمنعهم من ذَلِك بعده وسلمتها إِلَيْك فرق لَهُ شرف الدّين عِنْد ذَلِك وَقَالَ لَو أعلم هَذَا مَا قتلته
وَأخذ شرف الدّين مِنْهَا أَمْوَالًا وذخائر عَظِيمَة ورحل عَنْهَا بعد مَا سلمهَا للشَّيْخ واستحلفه أَنه مَتى طلبَهَا وسير إِلَيْهِ من يكون فِيهَا سلمهَا إِلَيْهِ وَتوجه شرف الدّين إِلَى قلعة حسن فَنزل عَلَيْهَا أَيَّامًا وَلم يقدر مِنْهَا على شَيْء وَكَانَ أَهلهَا ينزلون فيقاتلون فِي الوطا فَرَحل عَنْهَا وَمضى إِلَى نَاحيَة جِهَة مطاطة ونازلها وَهِي بلد مَا بَين قابس وقفصة وَإِلَى قابس أقرب مِقْدَار نصف نَهَار فَنزل عَلَيْهَا وقاتلها أَيَّامًا
وَدخلت سنة سبع وَسبعين وَخمْس مائَة
فِيهَا نقل المستضئ قدس الله روحه من الدَّار الَّتِي كَانَ مَدْفُونا فِيهَا إِلَى الدَّار العتيقة لبَعض الْجِهَات غربي دجلة من بَغْدَاد عِنْد رَأس الجسر مجاورة لجامع فَخر الدولة بن الْمطلب وَكَانَت الْعَادة أَن يدْفن الْخُلَفَاء بمقابر قُرَيْش بالمحلة الْمَعْرُوفَة بالرصافة إِلَّا المستضئ رضوَان الله عَلَيْهِ فَإِنَّهُ ذكر عَنهُ أَنه أوصى بذلك وَقيل إِن الإِمَام النَّاصِر لدين الله صلوَات الله عَلَيْهِ اخْتَار هَذِه الْحَال لأجل خريدة أَمِير الْمُؤمنِينَ لِئَلَّا تبعد عَلَيْهَا زيارته وَلَا تَجِد من بدله بعد الطَّرِيق فَاخْتَارَ ذَلِك لقُرْبه وَأقَام للموضع فراشين وبوابين فَلَا يقدر أحد على الدُّخُول لزيارته إِلَّا بِإِذن وأوقف عَلَيْهِ وقوفا كَثِيرَة وَجعل لتربته الرَّاتِب من الشموع والوظائف من المخزن الشريف وَعمل على ضريحه صندوقا من الساج وَغرم عَلَيْهِ مبلغا من المَال