وَكَانَ نَاصِر الدّين قد جمع زغب وانحاز إِلَى جبل نفوسة إِلَى نَاحيَة مَا عرمس وَترك شَرق جبل نفوسة خوفًا من شرف الدّين وَلم يزل شرف الدّين مُقيما بِتِلْكَ النواحي أَرْبَعَة عشر يَوْمًا وَتقدم إِلَى وَاد يُقَال لَهُ محسن فَنزل فِيهِ وقلعة أم الْعِزّ مطلة عَلَيْهِ فَأَقَامَ بِهِ يَوْمَيْنِ ثمَّ ارتحل بعجلة حميد بن جَارِيَة ولزه كثيرا فِي المصاف
وَبعد أَن جرى بَينه وَبَين حميد كَلَام كثير من جملَته أَن قَالَ لَهُ شرف الدّين
يَا أَمِير إِنَّمَا قصدي أَن أستفسد جمَاعَة من الأتراك الَّذين عِنْد إِبْرَاهِيم ويقل أَصْحَابه ونقوى عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُ يَا شرف الدّين أَنا سُلْطَان إِن أَنْت أَقمت وَلم تتقدم علمت أَنَّك وَصَاحِبك متعاملان علينا وتريد أَن تصالحه وتصالح زغب وتكونون كلكُمْ علينا يدا وَاحِدَة فَقَالَ لَهُ شرف الدّين أرحل لأجل هَذَا الْكَلَام غير أَنَّك سترى أَصْحَابك وَقد تفللوا عَنْك وعادوا عَلَيْك وعلينا إِن جرى لنا أيسر سَبَب
وَكَانَ شرف الدّين خَائفًا من أَصْحَاب المبارز لِئَلَّا يخامروا فَأَرَادَ أَن يتَوَقَّف حَتَّى يستفسد من أَصْحَاب إِبْرَاهِيم جمَاعَة تكون خيرا لَهُ مِنْهُم وَمَا يبْقى عَلَيْهِ بَأْس وَالَّذِي خافه وَقع فِيهِ لأجل استعجال حميد لَهُ فَسَار بدباب ليلته وَنزل إِبْرَاهِيم وَاديا يُقَال لَهُ أرقطين وَأصْبح شرف الدّين بجمعه مُقَابلا لَهُ فَركب العسكران وَوَقع المصاف وحملت دباب على زغب فتأخرت قَلِيلا ووقف إِبْرَاهِيم وَكَانَ فِي القلبوقوفا جيدا وَكَانَ عَالما بإقدام شرف الدّين وَأَنه إِذا حمل لَا يرد رَأس فرسه فألبس تشاهيره لغلام لَهُ وأركبه فرسا كَانَ لَهُ أَشهب وَتَركه وَاقِفًا فِي مَوْضِعه