الْمَذْكُور ثمَّ رَحل من نَصِيبين فَنزل على شاطئ دجلة بِكفْر زمار بِقرب الْموصل وَذَلِكَ بعد أَرْبَعَة أَيَّام من شعْبَان فَحِينَئِذٍ ضَاقَتْ على صَاحب الْموصل الأَرْض بِمَا رَحبَتْ وغلقت أَبْوَاب الْموصل وأحاطت بهَا العساكر واضطرب أَهلهَا اضطرابا شَدِيدا وَكَانَ السُّلْطَان يركب فِي بعض الْأَيَّام ويشرف على الْبَلَد وَينظر مقاصده وَكَانَ يَأْتِيهِ مُنْذُ نزل على مَا حكى لي فِي الرسَالَة من الْموصل قوم بعد قوم فَبينا هُوَ على ذَلِك من حصارهم والتضييق عَلَيْهِم إِذْ أَقبلت عَلَيْهِ النِّسَاء الأتابكيات فخضعن لَهُ فِي القَوْل وسألنه عاطفته فأنزلهن خير منزل وأكرمهن غَايَة الْإِكْرَام وأجابهن إِلَى مارمنه مِنْهُ وَقبل شفاعتهن وَقَالَ لَهُنَّ لابد من قَاعِدَة نَبْنِي عَلَيْهَا وتتألف عَلَيْهَا الْقُلُوب وتطمئن إِلَيْهَا الْأَنْفس فاستقر الْأَمر أَن يكون عماد الدّين زنكي صَاحب سنجار أَخُو صَاحب الْموصل وَسِيطًا فِي الْبَين وَحكما فِيمَا يعود بمصلحة الْجَانِبَيْنِ وسير السُّلْطَان رَسُوله إِلَى صَاحب سنجار فِي إيفاد رَسُوله فأنفذ وزيره شمس الدّين بن الْكَافِي وَكَانَ من قبل قد سبق القَوْل فِي تَسْلِيم بِلَاد شهرزور وقلاعها وحصونها وضياعها وَكَذَلِكَ مَا وَرَاء الزابين من البوازيج والرستاق وبلد القراملية وَبنى قفجاق فَدخل