وُصُول السُّلْطَان إِلَى ميافارقين فِي الْعشْر الأول من جمادي الأول فَرَأى أَهلهَا مفارقين لطاعته واتاه كتاب نَاصِر الدّين مُحَمَّد بن شيركوه يَسْتَأْذِنهُ بالوصول إِلَيْهِ فَأذن لَهُ بذلك وَقَالَ
الرَّأْي أَن نبتدى بحصار ميا فراقين وَفتحهَا وشاور أَصْحَابه وأمراءه فِي ذَلِك فَقَالُوا لَهُ
الرَّأْي مَا ترَاهُ
وَلما علم النظام البقش بمسير السُّلْطَان إِلَى تِلْكَ الْجِهَة ندب من أَصْحَابه الْأَمِير أَسد الدّين برتقش وَأمره بِالْمَسِيرِ إِلَى ميافاراقين فَلَمَّا وَصلهَا بذل بَدْء فِي الْأَمْوَال وَفرق على الرِّجَال وَنصب المنجنيقات والعرادات وملأ الأبراج بالأجناد وأرعد وأبرق وأنف واستكبر فَلَمَّا عاين السُّلْطَان ذَلِك أَمر عساكره بالاستعداد وَنصب المناجيق فَنصبت وَأمر النَّاس بِالْقِتَالِ والزحف وَطَالَ الْقِتَال عَلَيْهَا صباحا وَمَسَاء وَخرج جمَاعَة مِنْهُم وأحرقوا منجنيق السُّلْطَان فَقتل من الْفرْقَتَيْنِ جمَاعَة كَبِيرَة وَقتل يُوسُف المنجنيقي وَكَانَ مقداما شجاعا وَكَانَ فِي كل يَوْم تشتد الْحَرْب وَيكثر النزال وَكَانَت الْأُمُور لَا تزداد إِلَّا شدَّة وَطَالَ الْحصار ودام
وَكَانَت خاتون بنت قرا أرسلان زَوْجَة قطب الدّين صَاحب ماردين حِينَئِذٍ بميافارقين وَكَانَت تحرض النَّاس على الْقِتَال وَكَانَت ذَات يتامى وَلها حَالَة حَسَنَة مَعْرُوفَة بالصلاح والتقى فَلَمَّا لج الْحصار وَطَالَ الْأَمر وَتَمَادَى راسل السُّلْطَان الْأَمِير الْمَذْكُور بميافارقين يستلينه ويستكشف