وَدخلت هَذِه السّنة وَالسُّلْطَان مخيم بحماه معول على قصد الْموصل فَلَمَّا دخلت أَيَّام من الْمحرم سَار بعساكره مُتَوَجها إِلَى حلب فَلَمَّا قرب من تل السُّلْطَان خرج للقائه أَخُوهُ الْملك الْعَادِل سيف الدّين وَمَعَهُ عَسْكَر حلب وَكَانَ صَاحبهَا فَاسْتَبْشَرَ السُّلْطَان بلقائه ثمَّ سَار من تل السُّلْطَان فَنزل بِظَاهِر حلب فَأَقَامَ أَيَّامًا حَتَّى اتَّصَلت بِهِ العساكر وَسَار مِنْهَا مُتَوَجها إِلَى الْفُرَات فَنزل بمَكَان يعرف برسا تَحت ألبيرة على فرسخين مِنْهَا فَلم يزل هُنَاكَ ثَلَاثَة أَيَّام حَتَّى تَكَامل عبور جَمِيع الْعَسْكَر ثمَّ رَحل مُتَوَجها إِلَى حران فَلَمَّا وَصلهَا ضرب خيمة فِي ظَاهرهَا وَكَانَ بهَا مظفر الدّين كوكبوري وَكَانَ قد وصل رَسُوله ابْن ماهان إِلَى السُّلْطَان قبل عبوره الْفُرَات يحثه على العبور والوصول إِلَى حران وَقَالَ إِن مظفر الدّين قد كتب خطه بِخَمْسِينَ ألف دِينَار يَوْم الْوُصُول إِلَى حران تكون برسم النَّفَقَات وَكتب خطه للسُّلْطَان بذلك
فَلَمَّا وصل السُّلْطَان إِلَى حران بَقِي بهَا أَيَّامًا ومظفر الدّين لَا تجْرِي مِنْهُ حَرَكَة بِمَا بذله رَسُوله وَالسُّلْطَان من كرمه لَا يندبه إِلَى ذَلِك
فَلَمَّا كَانَ بعد أَيَّام أنفذ إِلَيْهِ قَاضِي الْعَسْكَر شمس الدّين بن الْفراش والعماد الْكَاتِب الْأَصْفَهَانِي وَقَالَ لَهما امضيا إِلَى مظفر الدّين واكشفا عَن أمره وأخبراه بِمَا أخبر عَنهُ رَسُوله من المَال الَّذِي بذله فمضيا إِلَيْهِ فَلَمَّا بصر بهما كَأَنَّهُ علم بِمَا جَاءَا بِهِ فَقَامَ قبل أَن يقعدا وَجَاء بالمصحف الْكَرِيم وَحلف بِهِ أَنه لم يبْذل شَيْئا مِمَّا ذكر عَنهُ وَأَن رَسُوله كذب عَلَيْهِ فِيمَا ذكره فَرَجَعَا إِلَى السُّلْطَان وأخبراه بالقصة فَسكت عَن بَيَانه مطرقا
فَلَمَّا أصبح ركب إِلَى الميدان سَاعَة استصحب مَعَه مظفر الدّين