الدَّار الَّتِي كَانَ فِيهَا ابْن البُخَارِيّ دَار المطبق وَهِي الَّتِي كَانَ فِيهَا عون الدّين الْوَزير ابْن هُبَيْرَة فَأذن لَهُ فِي ذَلِك فانتقل إِلَيْهَا وَتقدم لَهُ بالإقطاع الَّذِي كَانَ لِابْنِ البُخَارِيّ وَهِي جللتا وَمَا يجْرِي مَعهَا من أَعمال طَرِيق خُرَاسَان وَحَاصِل هَذَا الإقطاع فِي كل سنة عشرَة ألف دِينَار إمامية وَنفذ نوابه إِلَى الإقطاع وَتصرف فِيهِ وَحكم فِي الدِّيوَان وَبسط يَده وَلسَانه وَكَانَ أستاذ الدَّار ابْن الصاحب كل سَاعَة يتَقَدَّم إِلَيْهِ بِمَا يعْمل تَارَة ينفذ إِلَيْهِ الْحَاجِب أَبَا الرِّضَا وَتارَة أَبَا الشجاع وَتارَة مملان وَمَا كَانَ يتَجَاوَز مَا يتَقَدَّم بِهِ إِلَيْهِ وَكَانَ عَادَة الْوَزير أَو النواب الَّذين يسكنون هَذِه الدَّار لَا يركبون إِلَى صَلَاة الْجُمُعَة بل يمضون إِلَى الصَّلَاة مشَاة اقْتِدَاء بعون الدّين بن هُبَيْرَة الْوَزير رَحمَه الله تَعَالَى لِأَن حَائِط الْجَامِع حَائِط هَذِه الدَّار من بَاب الْمَقْصُور الشَّرِيفَة من دَار الْخلَافَة الَّتِي بَابهَا فِي المطبق وَهِي بِجَامِع الْقصر وَينزل الْوَزير والنائب إِذا ركبا ببابها خطوَات قريبَة فَقَالَ جلال الدّين بن صَدَقَة مَا أُرِيد أَن أَمْشِي وَلَا أخرج إِلَّا رَاكِبًا وَكَانَ فِيهِ تيه عَظِيم وتهور وَمن تقدم عمل بِنَفسِهِ مَا أَرَادَ وَقدم الْفرس يَوْم الْجُمُعَة وَركب من دخل الدَّار وَخرج إِلَى الصَّلَاة فَعلم النَّاس أَن هَذِه الْحَال تدل على جَهله وَقلة عقله وَكَانَ حَاجِب الْحجاب يعضده عِنْد ركُوبه وَعند نُزُوله ويطالع بِجَمِيعِ حركاته وَمَا يتَكَلَّم بِهِ أَو يتَقَدَّم بِهِ أَو يُطلقهُ أَو يُخرجهُ وَيذكر ذَلِك كل يَوْم بمطالعة ويعرضها على أستاذ الدَّار فَإِن رأى فِيهَا مَا يستحسنه عرضه وَإِن رأى مَا يكرههُ لَا يعرضه فَعلم بِهَذِهِ الْحَال أستاذ الدَّار
وفيهَا رتب ابْن عون الدّين بن هُبَيْرَة حاجبا بِبَاب النوبى الشريف وَكَانَ أستاذ الدَّار يرى فِي حَقه ويقر بِهِ وَكَانَ قد ربى مَعَه فِي الْمكتب وَكَانَ أستاذ الدَّار لَا يزَال يصف دينه ويسدد رَأْيه وخلع عَلَيْهِ خلعة جميلَة