رَجعْنَا إِلَى إتْمَام الحَدِيث
فَلَمَّا اسْتَقر السُّلْطَان بِدِمَشْق أَيَّامًا أَمر السُّلْطَان وَالِدي الْملك المظفر بِالرُّجُوعِ إِلَى مصر بالعساكر المصرية وَكنت يَوْمئِذٍ نَائِبه بِمصْر وبلادها إِلَى أَن رَجَعَ إِلَيْهَا وَكَانَ خُرُوجه من دمشق فِي الْيَوْم الْخَامِس عشر من شعْبَان من السّنة الْمَذْكُورَة
وَأما السُّلْطَان فَإِنَّهُ حِين اجْتمع برسولي الْخلَافَة بِدِمَشْق وهما شيخ الشُّيُوخ وَبشير الْخَادِم أنعم عَلَيْهِمَا إنعاما جزيلا وتلقاهما بالبشر على جاري عَادَته وَطَالَ مقامهما فمرضا مَرضا شَدِيدا وسألا الِانْصِرَاف فأشفق عَلَيْهِمَا وَأَشَارَ عَلَيْهِمَا بالقعود إِلَى أَن يخف مرضهما فبقيا على ذَلِك أَيَّامًا ثمَّ سألاه أَن يَأْذَن لَهما بالانصراف فَأذن لَهما وودعهما وأصحبهما الْأَمِير حسام الدّين طمان وَكَانَ مقدم عَسْكَر سنجار وَأمره بمرافقتهما والرفق بهما فِي السّير فَسَارُوا جَمِيعًا على طَرِيق الرحبة وَكَانَ الزَّمَان قيظا شَدِيدا فَاشْتَدَّ ببشير الْمَرَض فَمَاتَ قبل وُصُوله
وَأما شيخ الشُّيُوخ فَمَاتَ حِين وَصلهَا وَدفن هُنَاكَ وَكَانَت وَفَاته فِي شعْبَان من السّنة
وَأما السُّلْطَان فَإِنَّهُ أَقَامَ بِدِمَشْق حَتَّى دخل فصل الشتَاء وَأمر بِضَرْب مضاربه إِلَى جِهَة بعلبك وَكَانَ يركب فِي كل يَوْم إِلَى الصَّيْد وَيرجع فَأَقَامَ على ذَلِك أَيَّامًا حَتَّى اجْتمع إِلَيْهِ العساكر ثمَّ رَحل إِلَى بعلبك فوصلها بعد يَوْم وَلَيْلَة وخيم على ظَاهرهَا وَذَلِكَ فِي الْيَوْم الْعشْرين من ذِي الْقعدَة من السّنة الْمَذْكُورَة ورحل مِنْهَا إِلَى جِهَة حمص بهَا بعد أَيَّام فَبَقيَ بهَا أَيَّامًا ثمَّ سَار إِلَى حماة فَأَقَامَ بهَا بَاقِي ذِي الْحجَّة من السّنة الْمَذْكُورَة