استخرج الْعَسْكَر الْغَنَائِم وَكَانَ النَّاس قد تفَرقُوا فِي الشعاب والأودية فَلَمَّا تَكَامل جمعهم رَحل بهم فَنزل على سبسطية وفيهَا مشْهد زَكَرِيَّا عَلَيْهِ السَّلَام وَقد اتَّخذهُ الفرنج كَنِيسَة وأودعوها أَمْتعَة كَثِيرَة وَكَانَ فِيهَا جمَاعَة من الرهبان والقسوس ففدوها بِأسَارَى من الْمُسلمين وطلبوا الْأمان ثمَّ رَحل من هُنَاكَ فَكَانَ اجْتِمَاع العساكر على الفوار وَوَصله الْخَبَر بوصول رسل دَار الْخلَافَة إِلَى دمشق فَسَار بعساكره مُتَوَجها إِلَيْهَا محفوفا بالنصر وَالظفر فَلَمَّا دَخلهَا اجْتمع برسولي دَار الْخلَافَة وهما صدر الدّين شيخ الشُّيُوخ وَبشير الْخَادِم فأفاضا عَلَيْهِ الْخلْع النَّبَوِيَّة وَكَانَ قد وَصله مَعَ الرسولين الْمَذْكُورين قصيدة امتدحه بهَا الْأَجَل الْعَالم جمال الْكتاب أَمِين الدولة أَبُو الْفَتْح مُحَمَّد بن عبيد الله بن عبد الله سبط التعاويذي الْكَاتِب الْبَغْدَادِيّ وَكَانَ من أفاضل الشُّعَرَاء بدار الْخلَافَة فأنفذها إِلَيْهِ يهنيه بِالْخلْعِ النَّبَوِيَّة وَهِي

(حتام أرضي فِي هَوَاك وتغضب ... وَإِلَى مَتى تجني عَليّ وتعتب)

(مَا كَانَ لي لَوْلَا ملا لَك ذلة ... لما مللت زعمت أَنِّي مذنب)

(خُذ فِي أفانين الصدود فَإِن لي ... قلبا على العلات لَا يتقلب)

(أتظنني أضمرت بعْدك سلوة ... هَيْهَات عطفك من سلوى أقرب)

(لي فِيك نَار جوانح مَا تنطفي ... حرقا وَمَاء مدامع مَا ينضب)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015