النَّاس أَن الْخَلِيفَة قد تعصب لهَذَا ثمَّ تقدم إِلَى هَذَا الْمَذْكُور أَن يكْتب مطالعة تشْتَمل على أَحْوَال الدِّيوَان سرا بِحَيْثُ لَا يعلم أحد وَكبر عِنْد النَّاس بِهَذِهِ الْحَال
وفيهَا ورد ضِيَاء الدّين ابْن الشهرزوري إِلَى بَغْدَاد رَسُولا من عِنْد صَلَاح الدّين يُوسُف بن أَيُّوب وَكَانَ ابْن البُخَارِيّ قد تناهى بِهِ الْمَرَض وَعمل فِيهِ السم حَتَّى تساقطت أَظْفَاره ومعظم شعره وَبَقِي كالفرخ وَتقدم بِإِخْرَاج الموكب للقاء ابْن الشهرزوري فَلَمَّا كَانَ بعد ثَلَاثَة أَيَّام من قدومه تقدم إِلَى ابْن البُخَارِيّ أَن يجلس لَهُ وَيسمع كَلَامه وَرَأى أَنه لَا يقدر على ذَلِك لشدَّة الْمَرَض فَتقدم أَن يعْمل لَهُ طراحة ومسند فِي بَاب حجرَة صَغِيرَة وَلها دهليز إِلَى النِّسَاء وَجعل على الْبَاب سترا وَجلسَ وَالنِّسَاء عِنْده إِلَى أَن حضر الرَّسُول وَحضر خَالص الْخَادِم ومشرف الدِّيوَان أَبُو غَالب بن الْخلال وَكَانَ يَوْمئِذٍ يَنُوب عَن كَاتب الْإِنْشَاء وَحضر المقربون وَالنَّاس وَلم يتَخَلَّف أحد مِمَّن جرت عَادَته أَن يحضر وَتقدم إِلَى المماليك الْخَواص أَن يحضروا حَتَّى يكثر الْجمع بهم فَحَضَرُوا وأحضر ابْن الشهرزوري وَمَا كَانَ صحبته من التحف وأزالوا السّتْر الَّذِي كَانَ ابْن البُخَارِيّ علقه فَقَامَ النَّاس لقدومه وخدموه وَتقدم إِلَيْهِ أَن يذكر مَا عِنْده فَقَامَ وخطب خطْبَة حَسَنَة بليغة وَأخذ يذكر فتوح صَلَاح الدّين وجهاده وَمَا هُوَ عَلَيْهِ من المرابطة للْكفَّار وَأَنه مَمْلُوك مخلص وَأَن مَا لهَذِهِ الدولة الْقَاهِرَة مثله وَلَا من يجْرِي مجْرَاه وَلَا من يماثله فِي الْعُبُودِيَّة وَبَالغ فِي ذَلِك ثمَّ جلس فَالْتَفت إِلَيْهِ ابْن البُخَارِيّ وَقَالَ لَهُ يَا أَبَا الْقَاسِم إِذا رجعت إِلَى يُوسُف بن أَيُّوب فَقل لَهُ يقْرَأ قَوْله تَعَالَى {قل لَا تمنوا عَليّ إسلامكم بل}