وَأَن وَلَده الْملك الصَّالح قد أنعم بِهِ عَلَيْهِ فَأبى ذَلِك الْملك النَّاصِر صَلَاح الدّين فَجهز قلج أرسلان عسكرا وَنزل على حصاره فندب السُّلْطَان الْملك المظفر إِلَى لقائهم بِجَمَاعَة يسيرَة وَكَانَ جُمْلَتهمْ ثَمَانِي مائَة فَارس وَكَانَ عَسْكَر قلج أرسلان نيفا وَعشْرين ألف فَارس مجتمعة على النهب والغارة فَسَار بِمن مَعَه من الْعدة الْيَسِيرَة الْمَذْكُورَة حَتَّى أشرف على عَسْكَر قلج أرسلان لَيْلًا وَقد تلاحق بِهِ من أَصْحَابه نَحْو من مِائَتَيْنِ وَالْبَاقُونَ فِي إثرهم لم يتَّفق اجْتِمَاعهم جملَة وَاحِدَة لِأَن طريقهم كَانَت وعرة لم يَسِيرُوا معظمها إِلَّا رجالة فَلَمَّا أشرف عَلَيْهِم ضربت كوساته وبوقاته فركض بِمن مَعَه وخالط الْقَوْم وَذَلِكَ فِي سوق الربض وَكَانَ لعسكر قلج أرسلان من فرسانهم ثَلَاثَة آلَاف فِي حِصَار الْحصن فحين وَقع الصَّالح تحادروا عَلَيْهِ وضايقوه وَمن مَعَه فَأَشَارَ إِلَى غُلَامه بِأَن يُعْطِيهِ قنطاريته فَنَاوَلَهُ إِيَّاهَا فَحمل عَلَيْهِم وَقَالَ إِنَّا الْملك المظفر ثمَّ طعن فَارِسًا فأرداه وَحمل أَصْحَابه فِي إثره فكسروا فُرْسَانًا فَلَمَّا نظر الْقَوْم إِلَى ذَلِك انْهَزمُوا من بَين يَدَيْهِ عَن آخِرهم وَوَقع الصَّالح بهم فَجعل يتبع بَعضهم بَعْضًا وَتركُوا خيامهم بِمَا فِيهَا من أثقالهم وَمِنْهُم من أَصَابَهُ بذلك واسر من مقدميهم بذلك جمَاعَة فَلَمَّا أصبح خلع عَلَيْهِم وَأعْطِي كل وَاحِد مِنْهُم فرسا يحملهُ وسير النجب من هُنَاكَ إِلَى السُّلْطَان والكتب تخبره بِمَا رزقه الله من النَّصْر وَالظفر بعسكر قلج أرسلان وَوَافَقَ ذَلِك مَا من الله تَعَالَى بِهِ على السُّلْطَان من ظفره