المنجنيقات المنصوبة ليشاهد مواقع النكاية فِي القلعة ورتب السُّلْطَان مَعَ ذَلِك نوبَة الرُّمَاة فَمَا كَانَ أحد يقدر أَن يخرج رَأسه من بَين الشراريف فَبينا نَحن كَذَلِك إِذْ وصل الْخَبَر باجتماع الفرنج فِي الْموضع الْمَعْرُوف بالواله فَقَالَ السُّلْطَان هَذَا حصر يطول وَقد ضايقنا الْحصن وَمن فِيهِ وسلبنا أَعماله وَهَذِه نوبَة لَا يخْشَى فَوَاتهَا وَمَا نزال بعون الله تَعَالَى نعاود هَذَا الْحصن ونزوره حَتَّى يسر الله فَتحه والآن فَإِن الفرنج قد تحاشدوا واجتمعوا فَلَا يفرق جمعهم إِلَّا جَمعنَا وَبَقِي الْحصار دَائِما إِلَى انْقِضَاء شهر الله الأصب رَجَب وَالسُّلْطَان مَعَ ذَلِك مشتغل بعمارة الْبِلَاد وتدبير الممالك وَذَلِكَ عِنْد وُرُوده إِلَى الكرك استدعى أَخَاهُ الْملك الْعَادِل سيف الدّين أَبَا بكر من مصر ليعول عَلَيْهِ بِولَايَة حلب ويقلد وَالِدي الْملك المظفر ابْن أَخِيه ولَايَة الْبِلَاد المصرية
وَلما وصل الْملك الْعَادِل من مصر إِلَى الكرك طلب من السُّلْطَان ولَايَة حلب وأعمالها وَقد سبق وعد السُّلْطَان بهَا لوالدي فأنعم السُّلْطَان لِأَخِيهِ بحلب وأعمالها وأنعم لوالدي ابْن أَخِيه بِولَايَة الديار المصرية وَحكمه فِيهَا وَالَّذِي أعْطى وَالِدي الْملك المظفر رَحمَه الله بِمصْر فَمن ذَلِك الْبحيرَة جَمِيعهَا بِمصْر وَهِي بِأَرْبَع مائَة ألف دِينَار والفيوم وَهُوَ بثلاثمائة ألف دِينَار وقاي وقايات وبوش وَهِي بسبعين ألف دِينَار