فَنزل ابْن خمارتكين مِنْهَا وَجَاء إِلَى السُّلْطَان مُتَبَرعا إِلَيْهِ بِطَاعَتِهِ وَحمل من الْهَدَايَا والتحف أَشْيَاء كَثِيرَة فَصَارَ من جملَة أَصْحَابه وأسبابه فَنزل السُّلْطَان بِعَين تَابَ لَيْلَة وَاحِدَة ثمَّ رَحل مِنْهَا إِلَى حلب
وَلما نزلنَا على حلب ضرب السُّلْطَان مخيمه فِي الميدان الْأَخْضَر وَجَمِيع حلقته وَنزلت العساكر بَين قريب مِنْهُ وبعيد وَكَانَ النَّاس كل يَوْم فِي زحف وقتال وطراد ونزال وَكَانَ تَاج الْمُلُوك أَخُو السُّلْطَان شجاعا مقداما يركب كل يَوْم بجماعته وينازل الْقَوْم وَكَانَ السُّلْطَان ينهاه عَن الْإِقْدَام ويكفه من النزال وَينْهى النَّاس عَن الزَّحْف وَيَقُول إِنَّمَا مقصودنا الْبَلَد وَلَا حَاجَة لنا بقتل أحد الْمُسلمين فأصابت تَاج الْمُلُوك ضَرْبَة فِي فَخذه فَحمل إِلَى مضربه جريحا وَكَانَ مَوته فِيهَا وَذَلِكَ عِنْد تَسْلِيم حلب وَكَانَ السُّلْطَان على وَلِيمَة قد أعدهَا لعماد الدّين زنكي بن مودود فَلم يتضعضع لَهُ ولمصابه بِهِ رضوَان الله عَلَيْهِ
وسأذكر منقبة للسُّلْطَان وَمَا رزقه الله من الْحلم وَالصَّبْر فِي ذَلِك الْيَوْم فِيمَا بعد إِن شَاءَ الله تَعَالَى
وَلما جرح تَاج الْمُلُوك أَمر السُّلْطَان عساكره بالرحيل من الميدان الْأَخْضَر وَالنُّزُول على جبل جوشن فَضرب مخيمه عَلَيْهِ وَأظْهر نِيَّة الْمقَام وَأمر بإحضار بنائين وصناع ومهندسين وَأمر بِحَفر أساس قصر يبنيه وَقَالَ