واشتط أَصْحَابه عَلَيْهِ وتقبضوا عَنهُ فَبَدَا لَهُ وَجه الخذلان وَخَافَ على نَفسه فراسل السُّلْطَان فِي السّلم والاستعطاف لَهُ قبل الْأمان فَأصْبح السُّلْطَان ذَات يَوْم وَالنَّاس على مَا هم عَلَيْهِ من المنازلة فِي الْحصار إِذْ خرج من الْمَدِينَة جمَاعَة من النِّسَاء فقصدن سرادقه مستجيرات بكرمه يسألن الصفح وَكن نسْوَة أَمِير الْمَدِينَة ورئيسها وطلعن سحرة ذَلِك الْيَوْم وقصدن خيمة الْأَجَل القَاضِي الْفَاضِل وَزِير صَلَاح الدّين فآواهن إِلَى فنَاء خيمته وسعى فِي الشَّفَاعَة لَهُنَّ إِلَى السُّلْطَان فِي طلب الْأمان فنشفعن فِيمَا طلبته وأعطين الْأمان على أَنهم إِن أَقَامُوا توفرت عَلَيْهِم الْأَمْوَال والأملاك وَإِن تحولوا سهل عَلَيْهِم الِانْتِقَال وَلم يسألن فِي الْبَلَد لعلمهن أَنه لَا يخلى على من بِهِ وَإِنَّمَا سألن إِذا تسلم الْمَدِينَة أَن يخرجُوا نفائس أَمْوَالهم فأعطين الْأمان أَن يخرجُوا بِكُل مَا يقدرُونَ عَلَيْهِ من نفائس أَمْوَالهم مُدَّة ثَلَاثَة أَيَّام
وَتقدم السُّلْطَان برد النِّسَاء بالإكرام والاحترام وَنفذ ابْن نيسان يذكر أَن غلمانه وَأَصْحَابه خَرجُوا عَن طَاعَته وَأَنه لَا يقدر على نقل أَمْوَاله فندب السُّلْطَان لَهُ من خواصه من يُعينهُ ويراعي أَمْوَاله وَأخرج لَهُ دَوَاب كَثِيرَة من اصطبلاته لإعانته فَخرج ابْن نيسان من آمد وَضرب خيمته فِي ظَاهرهَا وَجعل ينْقل مَا يقدر عَلَيْهِ من درهمه وديناره ونفائس جواهره وأمواله وَنقل أَيْضا مَا قدر عَلَيْهِ من أواني الذَّهَب وَالْفِضَّة وَلم يقدر فِي تِلْكَ الثَّلَاثَة أَيَّام إِلَّا على تَحْويل الْأَمْتِعَة الْكَرِيمَة الثمينة وفاز جمَاعَة من أَصْحَابه بِمَا أَصَابُوهُ من أَمْوَاله وَكَانَ يخرج من دَاره عشرَة أحمال من المَال فَيذْهب فِي الطَّرِيق بَعْضهَا فَلَمَّا انْقَضى الْأَجَل الْمَضْرُوب وَقد عجز ابْن نيسان عَن نقل سَائِر ذخائره ترك أخاير الذَّخَائِر وَكَانَت أبراج الْمَدِينَة ودورها ومساكنها قد ملئت من أَجنَاس الغلات وأجناس