بكوسات فَمضى الْحَمَوِيّ وَذكر ذَلِك لأستاذ الدَّار فَضَحِك وَقَالَ تَقول لَهُ إِن الَّذِي تُرِيدُ أَن تمْضِي إِلَيْهِ ويشفع إِلَيْهِ فِي حَقك إِذا رأى أَن قد أعطيناك مثل مَا أعطيناه مَا يطيب لَهُ ذَلِك ثمَّ قَالَ للحموي أنكر عَلَيْهِ هَذِه الْحَالة وعرفه الْوَاجِب
فَمضى الْحَمَوِيّ وعرفه الْحَال فَجعل يوبخ نَفسه ويلومها كَيفَ أَتَى إِلَى بَغْدَاد وَقَالَ مَا أقدر أرجع إِلَى الْموصل وَهَذِه طَرِيق لَا أعرفهَا فَقَالَ الْحَمَوِيّ تطلب من أستاذ الدَّار أَن ينفذ مَعَك جمَاعَة من خفاجة يعرفونك الطريف ويمضون مَعَك إِلَى الْبِلَاد الشامية فَقَالَ لَهُ حبا وكرامة فَمضى الْحَمَوِيّ إِلَى أستاذ الدَّار وعرفه الْحَال ثمَّ نفذ بعد أَيَّام إِلَيْهِ بالحاجب على صَاحب شمس الدّين الركاب سلار وَمَعَهُ حَاجِب من حجاب الدِّيوَان الْعَزِيز يعرف بتاج الدولة بن أبي حَرْب ومعهما كتاب مختوم لَا يعلم مَا فِيهِ سوى أَنَّهُمَا قَالَا إِنَّه شَفَاعَة من الدِّيوَان الْعَزِيز إِلَى صَلَاح الدّين فِي حَقك فَقُمْ وَقبل الأَرْض فَقَامَ وَقبل الأَرْض ثمَّ قَالَ لَهُ الْحَاجِب خُذ هَذَا الْكتاب وَقَبله واتركه على رَأسك فَفعل
ثمَّ أخرج لَهُ من خرقَة قبَاء أطلس أَحْمَر وقلنسوة زركش فَقَامَ ولبسهما ثمَّ أَعْطوهُ نَفَقَة مبلغها مائَة دِينَار وَخمْس خلع لأَصْحَابه وَقيل لَهُ هَذَا برسم نَفَقَة الطَّرِيق وَقد تقدمنا إِلَى ثَلَاثَة أُمَرَاء من خفاجة يمضون فِي خدمتك إِلَى مَوضِع تخْتَار وتكتب مَعَهم تعرفنا إِلَى أَيْن وصلوا مَعَك ثمَّ أَمر لَهُ بسفن عبر بهَا إِلَى الْجَانِب الغربي فَأَقَامَ أَيَّامًا ثمَّ جَاءَت الْأُمَرَاء من خفاجة ورحل من بَغْدَاد على طَرِيق الْبَريَّة وَكَانَ حَيْثُ وصل إِلَى بَغْدَاد مَعَه طير يُسمى الزاع وَهُوَ الْغُرَاب الصَّغِير وَكَانَ خشترين إِذا مد الطَّبَق ينزل هَذَا الطير من رَأس الْخَيْمَة وَكَانَ قد رباه خشترين وألفه فَكَانَ مَعَهم يطير على رُؤُوس الأجناد وَإِذا تَعب نزل على بعض الْجمال