نفذنا أخذناك مِنْهُ أَنْت قد جِئْت إِلَى بلدك ودارك فَلَا تقف مَعَ هَذَا القَوْل ثمَّ أمره بِالرُّجُوعِ إِلَى مخيمه وَقَالَ أَنا أكفيك المؤونة فِي هَذَا كُله فَخرج وَهُوَ فرحان طيب الْقلب من قَول أستاذ الدَّار واغتر بقوله وَكَلَامه كَمَا قَالَ الحريري
هَذَا كَلَام كالصهباء وَفعل كالحصباء وأتى خشترين إِلَى مخيمه وَهُوَ كَبِير الْفَرح وَالسُّرُور بقول أستاذ الدَّار فَلم يزل فِي مخيمه أَيَّامًا وَلَا يرى لذَلِك القَوْل فَائِدَة وَلَا ثَمَرَة وَلم يُخَاطب لَهُ بِقَلِيل وَكثير
وَلما كَانَ بعد أَيَّام نفذ أستاذ الدَّار إِلَى الْحَمَوِيّ أحضرهُ بَين يَدَيْهِ وأحضر الْحَاجِب عليا صَاحب الركاب سلار صَاحب ديوَان الْبَرِيد وَقَالَ لَهُ
تمْضِي أَنْت وَهَذَا وَتَقُولَانِ لهَذَا الْكرْدِي أَنْت تعرف إشفاقي عَلَيْك وأنني أُرِيد مصلحتك وأنني قد رَأَيْت لَك من الْمصلحَة أَن نكتب مَعَك مَكْتُوبًا عَن الْخَلِيفَة يكون مضمونه أَنا سألناه أَن يخْدم الدِّيوَان الْعَزِيز فَلم يفعل وَطلب الْعود إِلَيْك والشفاعة فِي حَقه وَقد تقدم الْخَلِيفَة بِأَن تشرف وينعم عَلَيْك فَمضى الْحَمَوِيّ والحاجب عَليّ إِلَى عِنْد خشترين وعرفاه بقول أستاذ الدَّار فَضَاقَ صَدره لذَلِك وَقَالَ مبارك
فَلَمَّا مضى الْحَاجِب عَليّ قَالَ خشترين للحموي مَا أُرِيد مِنْهُم كتابا وَلَا شَفَاعَة إِلَى صَلَاح الدّين إِن أحب مَا إِلَيْهِ أَن أَعُود إِلَى خدمته وَلَكِن أُرِيد أَن تمْضِي إِلَى أستاذ الدَّار وَتقول لَهُ ينعم عَليّ وَيسْأل الْخَلِيفَة أَن يقبل هديتي حَتَّى أقدم لَهُ قَمِيص زرد وثيابا وخيلا وخادمين وَذكر أَشْيَاء
فَمضى وَعرف أستاذ الدَّار ذَلِك فَكتب بذلك إِلَى الْخَلِيفَة فَكتب إِلَى أستاذ الدَّار يَقُول لَهُ
هَذَا رجل غَرِيب وضيف مَا يجوز أَن تثقل عَلَيْهِ فَلَا تقبل مِنْهُ شَيْئا فَمضى الْحَمَوِيّ وَعرف خشترين ذَلِك فَقَالَ مبارك أَنا أبذل خَمْسَة ألف دِينَار وَأَن ينعم عَليّ بخلعة سَوْدَاء وعمامة سَوْدَاء وَأَن ينعم عَليّ