الْبِلَاد البصرية على أَن يكون ابْن إيلاجك شحنة فَحسب وَكَانَ ابْن إيلاجك الْمَذْكُور على غَايَة من الْبُخْل وَالشح ثمَّ لم تزل أُمُوره تتناقص إِلَى أَن صرف من الْبَصْرَة وأصعد إِلَى بَغْدَاد فَلَمَّا وصل إِلَى بَغْدَاد أنعم الْخَلِيفَة عَلَيْهِ بالرازان
وفيهَا تقدم الْخَلِيفَة بإحضار طغرل الْخَاص وَكَانَ أكبر مَمْلُوك رومي بَين يَدَيْهِ إِلَى الدِّيوَان الْعَزِيز وَأَن يخلع عَلَيْهِ قبَاء أسود وعمامة سَوْدَاء وأخرجت لَهُ من الدَّار معممة وَأعْطى فرسا وسيفا وخوطب بعماد الدّين وأقطع الْبَصْرَة وَجعل فِي خدمته خمس مائَة مَمْلُوك وَكبر أمره وَذكر عَن ابْن الْأَنْبَارِي كَاتب الْإِنْشَاء أَنه سمع من أستاذ الدَّار ابْن الصاحب يَقُول قَالَ الْخَلِيفَة مَا لأحد علينا فِي هَذِه الدولة حق إِلَّا لهَذَا طغرل الَّذِي قد أعطيناه الْبَصْرَة وَكَانَ الْخَلِيفَة يعلن بِهَذَا القَوْل ويكرره وَسبب ذَلِك أَن طغرل كَانَ يمْضِي إِلَى الْأُمَرَاء فِي السِّرّ ويستحلفهم للخليفة وَقد ألبس مِنْهُم جمَاعَة ثِيَاب النِّسَاء وأدخلهم إِلَى الْخَلِيفَة قبل ولَايَته وَهُوَ أَمِير مِنْهُم الشطرنجي وقيطرمش الشّحْنَة وَسيف الدّين طغلو وَجَمَاعَة من المماليك
وفيهَا التجأ جمال الدّين بن الْحصين إِلَى رِبَاط شيخ الشُّيُوخ خوفًا من آل تنبه الشطرنجي صَاحب وَاسِط لِأَنَّهُ كَانَ قد ضمن مِنْهُ الْأَعْمَال الواسطية وَحضر عِنْده جمَاعَة من أهل وَاسِط يتألمون مِنْهُ ويذكرون أَنه قد خرب الْأَعْمَال وَقد أَخذ جملَة من الْأَمْوَال للرعايا فَكثر غضب الشطرنجي عَلَيْهِ لذَلِك وَكَانَ قد عمل ضَمَانه وانكسر عَلَيْهِ عشرُون ألف دِينَار