الله سبحانه وتعالى بأمة محمد أن حطّ عنا تلك الإصر والأغلال التي كلف بها من قبلنا من الأمم والأقوام، وقد أطلق عليها العلماء الرخصة المجازية لأنها لا ينطبق عليها حدّ الرخصة ولم نكلف بها في الأصل قال تعالى:
{وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلالَ الَّتِي كانَتْ عَلَيْهِمْ} (?).
وقال سبحانه: {رَبَّنا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْراً كَما حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنا} (?).
يقول النسفي: «واعلم أن الرخصة حقيقة الاستباحة مع قيام السبب المحرم، فإذا لم يكن السبب موجودا في حقنا أصلا لم يكن رخصة ولكن لما كان النسخ للتخفيف علينا والتيسير تسمى رخصة مجازا» (?).
النوع الثاني: الحكم الثابت على خلاف العموم، وهو دون الأول من حيث إنه ساقط عنا كان مجازا، أما من حيث مشروعيته في الجملة كان شبيها بالرخصة الحقيقية، فإذا جاء الحكم شاملا جميع أفراده ثم استثنى أحد هذه الأفراد بحكم خاص مخالف للحكم العام سمى ذلك رخصة مجازا، ومثال ذلك البيع فإن الرسول صلى الله عليه وسلم قد نهى عن بيع ما ليس عند الإنسان وهذا النهي عام يشمل جميع أنواع البيع، قال صلى الله عليه وسلم: «لا تبع ما ليس عندك» (?)، إلا أنه صلى الله عليه وسلم رخص في السلم لقوله صلى الله عليه وسلم: «من أسلف في تمر فليسلف في كيل معلوم ووزن معلوم إلى أجل معلوم» (?).