يقول النسفي في هذا الشأن: «أما أحق نوعي الحقيقة فما استبيح مع قيام المحرم وقيام حكمه» (?).
النوع الثاني: ما استبيح مع قيام الموجب للحكم إلا أن الحكم متراخ عن السبب وهذا النوع أدنى من حيث كمال الرخصة، ذلك أن السبب الموجب للحكم قائم إلا أن الحكم متراخ عنه، ومثال ذلك الإفطار بالنسبة للمسافر، فالسبب الموجب للصوم وهو شهود الشهر قائم لقوله تعالى:
{فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} (?).
إلا أن الحكم وهو حرمة الإفطار تراخى بسبب عذر السفر لقوله تعالى: {فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيّامٍ أُخَرَ} (?).
ولما تراخى الحكم إلى عدة من أيام أخر، كانت العزيمة أدنى حالا من الحالة الأولى وهو الإيمان بالله تعالى ووحدانيته، لذلك كانت الرخصة هنا أيضا أدنى لأن كمال العزيمة من كمال الرخصة.
يقول شمس الأئمة السرخسي: «والنوع الثاني ما استبيح مع قيام السبب المحرم موجبا لحكمه إلا أن الحكم متراخ عن السبب وكان هذا النوع دون الأول فإن كمال الرخصة يبتنى على كمال العزيمة» (?).
النوع الأول: وهو أتم نوعي المجاز، ما وضع عنا من الإصر والأغلال.
وهذا النوع أتم من الثاني لأنه من حيث إنه سقط عنا كان حقيقة إذ أننا لم نكلف به، أما من حيث مقابلة أنفسنا بالآخرين كان توسعة فسمى رخصة مجازا لا حقيقة، وهذا يتمثل فيما وضعه الله عنا من التكاليف الشاقة التي كلف بها الأقوام السابقة فهي حمل ثقيل وأعمال مغلظة، ومن رحمة