قال ابن بطال في معنى ذلك: “أعلم صلى الله عليه وسلم أن أمته ستتبع المحدثات من الأمور والبدع والأهواء، كما وقع للأمم قبلهم، وقد أنذر في أحاديث كثيرة بأن الآخر شر، والساعة لا تقوم إلا على شرار الناس، وأن الدين إنما يبقى قائماً عند خاصة من الناس”1.
وفي هذا تحذير وتنبيه للأمة من الاستنان والاقتداء بالأمم في انحرافها وأهوائها.
ولعل أبرز دوافع الاستسلام للغزو التربوي الشعور بالعجز، أو النقص في بعض الجوانب، مما يدفع المرء إلى الاقتداء بمن يرى أنهم متفوقون في ذلك الجانب الذي أخفق فيه، وهذا يحدث على مستوى الأفراد وعلى مستوى المجتمعات 2.
كما أن ازدواجية الشعور بقدرة المنهج الإسلامي على الارتقاء بالأمة إلى أعلى مستويات التقدم مع الشعور والانبهار بتقدم الغرب وقدراته دون التفرقة بين السقيم والسليم يجعل المرء في فصام تربوي “بين إقرار وعدم تطبيق، واقتباس” فنقر للمنهج الإسلامي بالقدرة والاستطاعة على النهوض بالأمة كما نهض بأسلاف المسلمين عندما نهضوا به في قرونه الأولى مع عدم تطبيقه في مجالات الحياة، إضافة إلى الأخذ عن الغرب دون دراسة واعية مصححة على معايير الإسلام.
مما يجعل الاستفادة من تقنيات الغرب يكترثها شيء من التأثر في الجوانب الأخرى، الأمر الذي يؤكد أهمية إيلاء هذا الجانب عناية من المؤسسات التربوية على مستوى الأمة والأفراد، بما يحصر الاستفادة في الجوانب التقنية دون امتداد تبعاتها على الجوانب الفكرية والعقدية والأخلاقية للأمة.
1 ابن حجر، فتح الباري (13/301) .
2 خالد بن حامد الحازمي، أصول التربية الإسلامية، ص (385) .