يعتبر الغزو التربوي أمضى سلاح تخترق به عقول الأمم وصفوفها؛ وذلك أنه يسير بأبطأ الخطوات، وأقوى المؤثرات، بصور شتى وأساليب متعددة.
والأمة الإسلامية محط الأنظار؛ لأنها محسودة بما أنعم الله تعالى عليها من نعمة الإسلام. قال تعالى: {وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ} 1.
ولما ضعفت الأمة في عصورها المتأخرة، وظهر بريق الحضارة الغربية المادية في الجوانب التقنية، ظهر التأثير والتأثر بخطى سريعة وبأساليب متنوعة، أهمها:
1- مدارس الإرساليات التي انتشرت في مختلف أجزاء العالم الإسلامي بحجة أنها مدارس للنشء الأجنبي. ومن ثم امتدت إلى الجامعات سالكة في ذلك خطين: خط الإرساليات البروتستانتية الأمريكية، وخط الإرساليات الكاثوليكية الفرنسية، وقد بدأت هذه المدارس دينية صرفة، ثم تحولت إلى علمانية نتيجة تحول التعليم الغربي نفسه بعد الثورة الفرنسية من ديني إلى علماني2.
2- والأسلوب الثاني ما يقدمه الغرب للمسلمين من نماذج حضارية براقة مشوقة بالإغراء من خلال السينما والمسرح والصحافة والأفلام التلفزيونية والقصص الانحرافية المبتذلة، ومن خلال الأزياء وبيوت عرضها، ومجلات لنشرها. إضافة إلى الاحتكاكات الثقافية التي تتيح الفرص أمام الشباب بل تغريهم بمسايرة حياة المجون الأوربية.