وعند بيته. فقال: ما منه بد. ثم دنا من الحجر، وجاء الغلام يستلمه فبادر أبو نواس، فوضع خده على خد الغلام، وقبله، والله، وأنا أرى فقلت: ويلك لقد ارتكبت أمراً عظيماً في حرم الله تعالى. فقال: دع ذا عنك فإن ربي رحيم، ثم أنشأ يقول:
وعاشِقَانِ التَفّ خَدّاهُمَا ... عندَ استِلامِ الحَجَرِ الأسوَدِ.
فاشتَفَيا مِنْ غيرِ أنْ يَأتئمَا ... كأنّما كانا على مَوْعِدِ.
أخبرنا علي بن محمد بن الحسين الجازري بقراءتي عليه قال: حدثنا أبو الفرج المعافى بن زكريا الجريري قال: حدثنا الحسين بن القاسم الكوكبي قال: حدثني أبو علي محرز بن أحمد الكاتب.
قال: حدثني محمد بن مسلم السعدي قال: وجه إلي يحيى بن أكثم يوماً، فصرت إليه، وإذا عن يمينه قمطرة مجلدة، فجلست، فقال: افتح هذه القمطرة، ففتحتها، فإذا شيء قد خرج منها، رأسه رأس إنسان، وهو من سرته إلى أسفله خلقة زاغ، وفي صدره وظهره سلعتان، فكبرت وهللت، وفزعت، ويحيى يضحك، فقال لي بلسان فصيح طلق ذلق:
أنا الزّاغُ أبو عَجْوَه ... أنا ابنُ اللّيْثِ واللّبوَه.
أُحِبّ الرّاحَ والرَّيْحَا ... نَ والنّشوَةَ وَالقَهوَه.
فلا عَدْوَ يدي يُخشى ... ولا يُحذرُ لي سَطْوَه.