الموضع، فلم يجدها، فإذا هي قد نزلت، وهو ينظر إليها، فقال لها: ما وراءك؟ فوالله لتصدقني. قالت: والله لأصدقنك، من الأمر كيت وكيت، فأقرت له، فسل السيف فضرب عنقها، وقتل أمها، وهرب وأنشأ يقول:
يا طَلعَةً طَلَعَ الحِمامُ عَلَيها ... فجَنى لهَا ثَمَرَ الرَّدى بيَدَيها.
رَوّيتُ من دَمِها الثرَى، وَلَطالَما ... رَوّى الهَوى شفَتَيّ من شفَتيها.
حكَمتُ سيفي في مجال خِناقِها، ... وَمدامعي تجري على خَدّيْها.
ما كانَ قتلِيها لأني لم أكُنْ ... أخشى إذا سقَطَ الغُبارُ عليها.
لكن بخلتُ على العُيونِ بحُسنِها، ... وأنِفتُ من نَظرِ العيونِ إليها.
قال: وزادني غير أبي عبد الله: وكان لها أخت شاعرة فقالت تجيبه:
لَوْ كنْتَ تُشفِقُ أوْ تَرِقّ عَلَيها ... لَرَفعْتَ حدّ السيف عن وَدْجَيها.
وَرَحمتَ عَبرَتَها وطولَ حنِينِها، ... وَجزعتَ من سوءٍ يَصِيرُ إلَيهَا.
مَن كان يفعلُ ما فعلتَ بِمثلِها، ... إذ طاوَعَتكَ، وَخالفَتْ أبَوَيهَا.
فَترَكتَها في خِدرِها مَقتُولَةً، ... ظُلماً، وَتبكي، يا شِقيّ، عَلَيهَا.