امرأة وهي تهتف من خدرها وتقول:
هَلْ من سَبِيلٍ إلى خَمرٍ فأشرَبَها، ... أمْ هَلْ سَبيلٌ إلى نَصرِ بنِ حجّاجِ
إلى فتىً مَاجِدِ الأعرَاقِ مُقتَبِلٍ، ... سَهلِ المُحَيّا، كرِيمٍ، غَيرِ مِلجاجِ
قال: فقال عمر، رحمة الله عليه: ألا أرى معي في المصر رجلاً تهتف به العواتق في خدورهن؟ علي بنصر بن حجاج! فأتي به، فإذا هو أحسن الناس وجهاً وشعراً، فقال: علي بالحجام، فجز شعره، فخرجت له وجنتان كأنهما شقتا قمر، فقال: اعتم، فاعتم، ففتن الناس. فقال عمر: والله لا تساكنني ببلد أنا فيه. قال: ولم ذاك يا أمير المؤمنين! قال: هو ما قلت لك. فسيره إلى البصرة، وخشيت المرأة التي سمع منها عمر ما سمع أن يبدر إليها عمر بشيء، فدست إليه أبياتاً تقول فيها:
قُلْ للإمامِ الذي تُخشَى بَوَادِرُهُ: ... ما لي وَللخَمرِ أوْ نصرِ بنِ حجّاجِ
إني عنيتُ أبَا حَفصٍ بغَيرِهِما، ... شرْبَ الحَليبِ وَطَرْفٍ غيره ساجي
إنّ الهَوَى ذٍِمّةُ التّقوَى، فقَيّدَهُ ... حَتى أقَرّ بإلجَامٍ وَإسرَاجِ
لا تَجعَلِ الظنّ حَقّاً، أوْ تُبَيّنَهُ، ... إنّ السّبيلَ سَبيلُ الخائِفِ الرّاجي
قال: فبعث إليها عمر: قد بلغني عنك خبر، وإني لم أخرجه من أجلك، ولكن بلغني أنه يدخل على النساء، ولست آمنهن.
قال: وبكى عمر، وقال: الحمد لله الذي قيد الهوى حتى أقر بإلجام وإسراج. ثم إن عمر كتب إلى عامله بالبصرة كتباً، فمكث الرسول عنده أياماً، ثم نادى مناديه: الا إن بريد المسلمين يريد أن يخرج، فمن كانت له حاجة فليكتب! فكتب نصر بن حجاج كتاباً، ودسه في الكتب، ونصه: بسم الله الرحمن الرحيم، لعبد الله عمر أمير المؤمنين سلام عليك! أما