صاحبه: الرأي أن تتلقاها فتعلمها ذلك، فإن كانت قد فعلت كان اعتزالك عنها، وإن كانت لم تفعل لم تعجل عليها بقطيعة.
قال: فخرجنا حتى أتينا القصر الذي هي فيه، وأرسل إليها: إني أريد أن أكلمك، فأرسلت إليه: إني لا أقدر نهاراً، ولكن موعدك الليلة من وراء القصر. فلقيها لموعدها، فشكا إليها وذكر شدة وجده بها وما هو فيه. فقالت: قد أكثرت علي، وما أدري بما أجيبك، إلا أن مثلي ومثلك ما قال جميل:
فما سِرتُ من ميلٍ وَلا سِرتُ لَيلَةً ... مِنَ الدّهرِ إلاّ اعتادَني مِنكِ طائِفُ
وَلا مَرّ يَوْمٌ مُذْ تَرَامَتْ بكِ النّوَى ... وَلا لَيلَةٌ إلاّ هَوىً مِنكِ رَادِفُ
أهُمُّ سُلُوّاً عَنكِ ثمّ تَرُدّني ... إلَيكِ وَتَثنيني عَلَيكِ العَوَاطِفُ
فلا تَحسبِنّ النأيَ أسلَى مَوَدّتي، ... وَلا أنّ عَيني رَدّهَا عَنكِ عاطِفُ
وَكم من بَديلٍ قد وَجَدنا وَطِرْفَةٍ، ... فتأبى عليّ النّفسَ تِلكَ الطّرَائِفُ
ثم افترقا وقد خرج ما كان في قلوبهما فلم يزالا على الوفاء والود حتى ماتا.
؟
أخبرنا القاضي أبو القاسم علي بن المحسن التنوخي، أخبرنا أبو عمر بن حيويه، أنبأنا أبو بكر بن الأنباري أنشدنا إبراهيم بن عبد الله الوراق لمحمد بن أمية:
شَغَلَتني بها، وَلمْ تَرْعَ عَهدي، ... ثمّ مَنّتْ وَعَهدُها لا يَدُومُ
وَرَأتني أبكي إليهَا، فقالت: ... يَتَبَاكَى كَأنّهُ مَظلومُ