إن لم تفعلي ليموتن، فقالت: أماته الله، فطال ما أمرضني.
قال: ومرض بشر فاشتد مرضه وبلغ أصحاب النبي، صلى الله عليه وسلم، فأقبلوا إليه يعودونه، فقال بعضهم: أنا أرجو أن يعذب الله هنداً، وأنشأ يقول:
إلهيَ إني قد بُليتُ مِنَ الهَوَى ... وَاصبحتُ يا ذا العرْشِ في أشغلِ الشغلِ
أُكابدُ نَفساً قَد تَوَلّى بها الهَوَى، ... وَقد مَلّ أخوَاني وَقَد مَلّني أهلي
وَقَدْ أيقَنَتْ نَفسِي بِأنّيَ هَالِكٌ ... بِهنْدٍ وَأنّي قَدْ وهَبتُ لهَا قَتلي
وَإنّي وَإنْ كانَتْ إليّ مُسِيئَةً، ... يَشُقّ عَليّ أنْ تُعَذَّبَ مِنْ أجلي
قال: فشهق شهقةً فمات، رحمه الله تعالى، وأقامت عليه أخته مأتماً، فقامت تندبه، فجاءت هند، وأخته تقول:
وَابِشرَاهُ من لَوْعَةِ الهَوى قد تولّى، ... وَابِشرَاهُ ذو الحاجاتِ لا تُقضَى
وَابِشرَاهُ شَبابُهُ مَا تَمَلّى، ... وَابِشرَاهُ صَحيحاً قَدْ تَوَلّى
وَابِشراهُ لِكتَابِهِ مَا أقْرأ، ... وَابِشرَاهُ بَينَ أصحَابِهِ لا يُرَى
وَابِشرَاهُ للضّيفِ مَا أقْرَى، ... وَابِشرَاهُ مُعَجِّلاً إلى الغُرَبَا
قال: فلما سمعت هند صرخت صرخةً، ووقعت ميتةً، رحمهما الله، وذهب بها فدفنت مع بشر، فلما مضت أيام جاءت العجوز إلى النبي، صلى الله عليه وآله وسلم، فقالت: يا رسول الله، أنا رأس الخطيئة، كما قلت، أنا التي كنت سبب الأمر، وقد خشيت أن لا تكون لي توبة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: استغفري لذنبك وتوبي، فإن الله تعالى يقبل التوبة النصوح.
آخر حديثهما.