وَاكَبِدي مِنْ خَدّهِ المُضَرَّجِ، ... أذْهَبُ للنّسكِ وَللتّحَرّجِ
إلَيكَ أشكُو يا غَزَالَ الإنسِ، ... مَا بي من الوَحشَةِ بَعد الأُنسِ
يَا مَنْ هِلالي وَجهُهُ وَشَمسِي، ... لا تُقَتَلُ النّفسُ، بِغَيرِ نَفسِ
جُدْ لي كمَا جُدتَ بحُسنِ الوُدّ، ... وَارْعَ كَمَا أرْعَى قَدِيمَ العَهدِ
وَاصْدُدْ كصَدّي عن طوِيلِ الصّدّ، ... فَلَيسَ وَجدٌ بكَ مِثلَ وَجدِي
هَا أنا في بَحرِ الهَوَى غَرِيقُ، ... سَكرَانُ مِنْ حُبّكَ لا أُفيقُ
مُحتَرِقٌ، مَا مَسّني حَرِيقُ، ... يَرْثي لي العَدُوُّ وَالصّديقُ
فَلَيتَ شعرِي فيكَ! هَل تَرْثي لي ... مِنْ سَقَمٍ بي وَضنًى طَوِيلِ
أمْ هَلْ إلى وَصْلِكَ من سَبيلِ ... لِعاشِقٍ ذِي جَسَدٍ نَحِيلِ!
في كلّ عُضْوٍ مِنهُ سُقْمٌ وَألَمْ، ... وَمُقْلَةٌ تَبكي بدَمعٍ وبِدَمْ
شَوْقاً إلى بَدْرِ وَشَمْسٍ وصَنَمْ، ... مِنهُ إلَيهِ المُشتكَى، إذا ظَلَمْ
أقُولُ إذ قَامَ بقَلبي وقَعَدْ: ... يا عمرو، يا عَامرَ قَلبي بالكَمَدْ
أُقسِمُ باللهِ يَمينَ المُجْتَهِدْ، ... إن امرأً أسعَدتَهُ لَقَدْ سَعِدْ
يا عمرو! نَاشَدتُكَ بالمَسيحِ، ... ألا استَمَعتَ القَوْلَ مِنْ فَصيحِ
يُخبرُ عَنْ قَلبٍ لَهُ جَريحِ، ... بَاحَ بِمَا يَلقَى مِنَ التبْرِيحِ
يا عمرو! بالحَقّ مِنَ اللاهُوتِ، ... وَالرّوحِ رُوحِ القُدسِ وَالنّاسوتِ
ذَاكَ الذِي في مَهدِهِ المَنحُوتِ، ... عُوّضَ بالنّطقِ مِنَ السّكُوتِ
بحَقّ نَاسُوتٍ بِبَطْنِ مَرْيَمِ، ... حَلّ مَحَلَّ الرّيقِ مِنهَا في الفَمِ
ثمّ استَحَالَ في قَنُومِ الأقدَمِ، ... فَكَلّمَ النّاسَ، وَلمّا يُفطَمِ